مصر30/6

الجولة الجديدة من مفاوضات “سد النهضة”

أدى اندلاع الحرب الأهلية في إثيوبيا والتوترات في السودان إلى تنحية الأزمة الكبرى المتعلقة بسد النهضة بين القاهرة والخرطوم من جانب وأديس أبابا من جانب آخر، حيث انتهت المدة الزمنية التي جاءت في توصيات مجلس الأمن بشأن التوصل إلى اتفاق قانوني بين الأطراف الثلاثة.
يرى مستشار وزير الري المصري الأسبق وخبير الموارد المائية، الدكتور ضياء الدين القوصي، إن حالة عدم الاستقرار الكبيرة التي تعيشها إثيوبيا، لا أتصور أن تكون هناك مجالات للحديث في أي أمور أخرى مثل “سد النهضة” وعملية التقدم في الإنشاءات شبه متوقفة، لأن أديس أبابا بحاجة لكل الأموال في المجهود الحربي.
وأضاف في حديثه، علاوة على حالة الحروب والتوترات الداخلية في إثيوبيا، نجد أن هناك حالة من الجفاف أو عدم سقوط الأمطار لأكثر من شهرين، لذا فإن كل الأمور المتعلقة بالسد متوقفة، وأتصور أنه لو حدث نوع من أنواع الاستقرار بعد أن بدأت إثيوبيا في السيطرة مجددا على الأوضاع نتيجة دعم خارجي، لذا يمكن أن يعود الحديث والمفاوضات ومسألة الملء الثالث وتأثيره على مصر في شهر فبراير القادم.
وتابع القوصي، قبل الأزمة الداخلية الحالية كانوا يتحدثون في إثيوبيا عن بدء توليد الكهرباء من السد في فبراير القادم، لكن بعد تلك الأزمات والحروب لا ندري هل يستطيعون فعل ذلك في نفس التاريخ، الأمر متروك لما ستؤول إليه الحرب، فلا صوت الآن يعلو فوق صوت المعركة، والجميع الآن يبحث عن حل لهذا النزاع وإطعام ملايين النازحين الذين سيموتون جوعا، وهذه أولوية للعالم تفوق سد النهضة.
الأوضاع مهتزة
وحول تأثير الأوضاع في السودان حاليا على قضية السد يقول مستشار وزير الري، إن عدم استقرار السودان بكل تأكيد سوف يؤثر على قضية سد النهضة، فعندما كان هناك هدوء في المشهد السوداني، وجدنا الحكومة والجيش يبحثان عن الأراضي السودانية الحدودية بين البلدين وأيضا كانت الخرطوم دائمة الحديث عن أزمة السد وحلولها والمفاوضات، لكنهم الآن مشغولين بالبحث عن حل سياسي لما هم فيه من أزمات، والوضع في إثيوبيا مهتز وفي السودان أكثر اهتزازا.
توصيات مجلس الأمن
من جانبه يقول، معتز المدني، الخبير السوداني في القانون الدولي، إن إثيوبيا ليس أمامها إلا الاستجابة للتوصيات التي أعلنها مجلس الأمن في الجلسة الخاصة بسد النهضة، وأن أي تجاوزات من جانب أديس أبابا لفرض الأمر الواقع دون الانتظار حتى تبدأ المفاوضات التي تحدث عنها مجلس الأمن برعاية إفريقية، هذا يعد مخالفة قانونية دولية، وتعد هنا إثيوبيا مخلة بالأمن والسلم الدوليين.
وأضاف المدني في حديثه، القضية هنا أن سد النهضة لم يعد في تلك المرحلة هو صاحب الأولوية في المجتمع الدولي ومجلس الأمن، نظرا لأن الحروب والاضطرابات في إثيوبيا والسودان هى التي احتلت تلك المكانة لدى المجتمع الدولي من أجل البحث عن حلول لوقف تلك الحروب والنزاعات، لكن يجب على أديس أبابا بعد انتهاء الحرب الداخلية أن تنفذ ما جاء بتوصيات المجلس ملزم يحقق مصالح أطراف الأزمة.
وتابع، إثيوبيا حاولت ولا تزال أن تستغل عامل الزمن من أجل فرض سياسة الأمر الواقع، لكن هذا لا يمنع المجتمع الدولي من العمل على تقليصه ووقفه حتى يتم الاتفاق حوله، وهذا يتعلق بالملء والتشغيل، مشيرا إلى أنه لا بد من التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الثلاثة حتى ولو اكتملت كل مراحل بناء وتشييد السد، الأمر يتعلق بأمن قومي لدول المصب وهناك اتفاقات دولية تتعلق بالأنهار التي تمتد بين عدة دول، كما أن هناك وقائع سابقة تمت فيها إزالة سدود وليس تعديلها.
أكد مجلس التعاون الخليجي، في دورته الأخيرة، على أن الأمن المائي لمصر والسودان جزء من الأمن القومي العربي، مشيرا إلى دعم جميع مساعي حل أزمة سد النهضة.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف: “أمن مصر جزء لا يتجزأ من أمن الخليج، والدعم الكامل لكل ما فيه ازدهار مصر وشعبها، والتعاون مستمر مع جمهورية مصر العربية”.
وشدد الحجرف على دعم مجلس التعاون لجميع المساعي في إطار من التوافق بين الأطراف الثلاثة على النحو الذي يحقق مصالح الدول الثلاث.
وتواصل مصر مطالبها بضرورة استئناف مسار مفاوضات سد النهضة الإثيوبي في أسرع وقت ممكن، بهدف التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة على نحو يحقق مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوق مصر المائية.
وبدأ إنشاء سد النهضة الإثيوبي في 2011، بهدف توليد الكهرباء، ورغم توقيع إعلان المبادئ بين مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015، نص على التزام الدول الثلاث بالتوصل لاتفاق حول ملء وتشغيل السد عبر الحوار، إلا أن المفاوضات لم تنجح في التوصل لهذا الاتفاق.
زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights