تحركات كبيرة تشهدها مصر لمواجهة أزمتي المياه والغذاء في البلاد، حيث عقد مجلس الشيوخ المصري جلسة حول مواجهة هذا الخطر الذي يداهم البلاد.
وقالت وكيلة المجلس فيبي فوزي، إنه في ظل الفجوة الكبيرة التي تشهدها مصر بين ثبات نصيبها من مياه نهر النيل والذي يدور حول 55,5 مليار متر مكعب، والزيادة المضطردة في عدد السكان الذي وصل لأكثر من 100 مليون نسمة، أصبح من المحتم النظر إلى استراتيجيات جديدة لترشيد استهلاك المياه من جانب، وزيادة كفاءة استخدامها من جانب آخر.
وأوضحت النائبة، أن العجز حاليا في احتياجات مصر من المياه قد يصل إلى 35 مليار متر مكعب سنويا، ما يستوجب البحث عن أساليب جديدة للتعاطي مع هذا الموقف الخطير حفاظاً على مخططات التنمية الحالية و المستقبلية.
وأضافت النائبة أن الدولة تنفذ استراتيجية لتوسيع الرقعة الزراعية، بما يتخطى عدة ملايين من الأفدنة المستصلحة كل عام، فهل ثمة استراتيجية موازية لتوفير الموارد المائية اللازمة لهذا التوسع الذي يحرص عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي كجزء من الاستراتيجية الوطنية لتحقيق الأمن الغذائي والذي بات مفهوما بالغ الأهمية بعد ما شهدناه من تطورات إبان أزمة كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية.
وأشارت إلى أن البعض يطرح فكرة استيراد المياه بمعنى عدم زراعة المحاصيل المستهلِكة للمياه بغزارة واستيرادها كبديل، متسائلة .. هل نمتلك رؤية لتنفيذ مثل هذه الفكرة وما مدى جدواها وهل تشكل طرحا مناسبا لا يتعارض مع فكرة الأمن الغذائي او بمعنى أدق السيطرة الغذائية؟.
وعلق خبير المياه المصري نادر نور الدين على ما أسماه “أوهام وتخاريف” تحقيق الاكتفاء الذاتي في مصر وأن مشروعات التوسع الزراعي في الصحراء ينبغي أن تتوقف.
وقال نور الدين إن الندرة المائية هي المتاح من المياه مقابل متطلبات جميع القطاعات من زراعة وصناعة ومنزلي ومحليات وحماية بيئة وتوليد طاقة وليس أبدا مايكفي الفرد في شرابه وطعامه وكسائه، موضحا أن حصة مصر من المياه هي 55.5 من النيل + 5.5 مياه جوفية + 1.3 أمطار تسقط على أراضي الدلتا ونستفيد منها في الري + 20 مليار إعادة استخدام مياه المخلفات معالجة وغير معالجة ومخلوطة مع ماء الترع بإجمالي 82 مليار متر مكعب.
وأوضح نور الدين أن الري بالغمر يستهلك في المتوسط 6 آلاف متر مكعب في السنة وبالتالي تكفي موارد مصر المائية لري أكثر من 10 مليون فدان بعد استقطاع 12.5 مليار من إجمالي الموارد المائية كمخصصات لمياه الشرب والصناعة.
ونوه بأن نصيب الفرد من المياه المتجددة في مصر نحو 600 متر مكعب في السنة وهي ناتج قسمة 62 مليار متر مكعب موارد مائية متجددة على 104 مليون نسمة عدد سكان مصر الرسمي، ترتفع إلى 800 متر عند حسابها بعد اضافة مياه المخلفات المستخدمة بحجم 20 مليار مترا مكعبا.
ونوه بأنه عندما نتحدث عن الاكتفاء الذاتي نقول طموحات وليس خرافات، لأن تطبيق الري بالتنقيط مستقبلا نستهلك فقط 5 آلاف متر مكعب للفدان بما يوفر لنا نحو 7 مليار متر مكعب من المياه من إجمالي أراضي مصر الزراعية البالغة 9.5 مليون فدان بخلاف ما يوفره تبطين الترع وتحلية مياه البحر.
وتابع: “في مصر نستهدف تحقيق الأمن الغذائي وليس الاكتفاء الذاتي الكامل بمعنى أن ننتج أقصى كمية ممكنة من الغذاء ونستورد أقل قدر ممكن منه ولم يتحدث أي مسئول أبدا عن تحقيق مصر للاكتفاء الذاتي الكامل من مختلف صنوف الغذاء وذلك لمحدودية كل من المياه والأراضي الزراعية”.