مصر30/6

مصر: ملاجئ للكلاب الشاردة

مؤسسة حماية الحيوان بالجيزة - سبوتنيك عربي, 1920, 25.05.2023

“الكلب بالنسبة لك مجرد حاجة لكن أنت كل حاجة بالنسبة له”، هكذا تلخص داليا النادي، مديرة ملجأ لرعاية الكلاب، علاقة البشر بالكلاب والقطط، معتقدة أن زيادة الوعي بأهمية هذه الحيوانات يوقف ما تتعرض له من انتهاكات.
وتنتشر في مصر ملاجئ لرعاية الحيوانات المشردة (حيوانات الشارع) لكنها مؤخرا باتت تعاني من تداعيات الأزمة الاقتصادية ما أدى إلى تراجع التبرعات وارتفاع أسعار الطعام والمستلزمات.
داليا النادي، مديرة مؤسسة حماية الحيوان بالجيزة، ونيهال سليم، مؤسس بمبادرة محبي الحيوانات بالزمالك، وأكدتا على تأثر التبرعات خلال السنوات الماضية بداية من تفشي وباء كورونا ثم الأزمة الاقتصادية العالمية التي انعكس على الوضع في مصر.

تأثير الظروف الاقتصادية على الكلاب

تقول داليا النادي، إنها تستضيف في المؤسسة حاليا نحو 2800 كلب مشرد، في ملجأ أقيم على مساحة تقارب 6 أفدنة، (24281 متر مربع)، مقسم إلى أكثر من قسم، وهو “قائم تماما على تبرعات محبي الحيوانات والجهود الذاتية للعاملين بالملجأ”.
وأضافت “الملجأ لا يهدف إلى الربح وتصرف كل التبرعات على الحيوانات التي يرعاها الملجأ، والدولة لا تساعد بأي شكل من الأشكال”.
وترى داليا أن هناك تأثير بالطبع على التبرعات بسبب الأزمة العالمية “لكن محبي الحيوانات الحقيقيين عندهم استعداد يبعوا شيئ يملكوه من أجل مساعدة الحيوانات، وهو نفس التأثير الذي لاحظته نهال، وتقول إن “الظروف صعبة على الجميع وفي انعكاس واضح على التبرعات”، وتضيف أنه مع ضعف التبرعات بسبب تفشي كورونا وبسبب الظروف الاقتصادية لجأت إلى فكرة مبتكرة، “قولنا لمحبي الحيوانات من سكان الزمالك أحنا مقدرين أنكم مش قادرين تدونا فلوس، فممكن نأخذ منكم الأشياء المستعملة القديمة في منازلكن التي لا يحتجونها وأحنا هنبيعها ونصرف على الحيوانات.. ونجحت الفكرة”.
وأضافت: “الوضع الاقتصادي مش حلو علينا لكن في النهاية احنا مجموعة صغيرة لكن المشكلة الأكبر والتأثير واضح جدا عند الملاجئ عندنا 500 و600 كلب”، ودعت نيهال الراغبين في مساعدة الحيوانات والملاجئ أن يبحثوا أولا في المنطقة التي يقيمون فيها ويساعدوا من يرعى الحيوانات أو يبدأ هم برعاية الحيوانات.

هدف ملاجئ الحيوانات

تقول داليا إن الهدف الأساسي الذي تعمل عليه المؤسسة، هو مساعدة الحيوانات التي لا تستطيع العيش في الشارع، “نجمع الكلاب ونعالجها ثم نعرضها للتبني أو ممكن تنزل الشارع… لكن في الغالب مش بنعمل كده لأن الكلاب بيكون اتعود على التعامل مع البشر وبيهزر معاهم ولما هينزل الشارع الناس هتفتكر أنه بيهجم عليهم وهيأذوهم ويعنفوه”.
وتشير داليا إلى أن أكبر وأهم الأدوار التي يلعبها الملجأ هو إيواء الكلاب المصابة بالشلل أو العمى أو الكلاب التي هجرها أصحابها، وأضافت “لديك أكثر من شيء في حياتك بجانب الكلب الذي تربيه، لكن هذا الكلب ليس لديه سواك”.
وترى نيهال إلى أن المبادرة، التي تكونت من مجموعة سيدات يسكنون في الزمالك وجميعهن يحبون الحيوانات والكلاب، تعمل في الأساس على رعاية حيوانات الشارع، “لكن المهمة الأهم هي الإنقاذ السريع نتحرك فورا إذا تم إبلاغنا بوجود كلب أو قطة مصابة”.
وتضيف “نجمع الكلاب ثم نقوم بتعقيمها وتطعيمها وإعادتها إلى نفس المكان الذي اخذناها منه”، وتشير إلى أن هناك كلاب أخرى يتم تبنيها وتسفيرها خارج مصر “عندنا حيوانات سافرت أمريكا وكندا وأوروبا.. وبيعشوا هناك حاليا مع متبنين في بيوت جميلة ونتابع معهم، وفي كلاب ثانية مينفعش تسافر بسبب صعوبة حالتها فنضطر نضعهم في الملاجئ”.
وتتفق داليا ونيهال على ضرورة زيادة وعي الناس بطبيعة وطباع الحيوانات حتى يستطيعون الحياة معا.

زيادة الوعي

تؤكد داليا أن هناك تغييرا ملحوظا في التعامل مع الحيوانات خاصة في سلوك شريحة الشباب، ويتبقى أن تقوم المؤسسات المنوطة برعاية الحيوانات بحملات توعية كبيرة لتوعية المصريين بكيفية التعامل مع الحيوانات المشردة، خاصة وأن أغلب الحالات التي يبلغ عنها مواطنون عاديون تكشف لنا أن الغالبية العظمى لا تعرف بوجود ملاجئ للحيوانات.
وتشير داليا إلى دور كبير عملته مواقع التواصل الاجتماعي التي عرفت الناس الكثير عن الحيوانات وضرورة التعامل معها برفق، “السوشيال نشرت الثقافة دي ومعظم البلاغات اللي بتجيلنا بتيجي من مواقع التواصل الاجتماعي.. لكن أحنا برضه لسه محتاجين مساعدة الناس”.
وتؤكد داليا أن الكلاب المشردة تواجه كثير من المشاكل إلا أن المشكلة الأكبر على الإطلاق هو عدم وجود مأوى له، وعدم وجود طعام، ويمكن حل هذه الأزمة بوضع بقايا الطعام في أكياس منفصلة للحيوانات المشردة، بجوار تجمعات القمامة مثلا وبالتلي لن تنبش في القمامة بحثا عن طعام، والناس ينزعجون من أصوات الكلاب لكن إذا فكر المواطن في الدور الذي يلعبه الكلب المشرد في حمايته من الثعابين والثعالب وغيرها لن يتوانى عن مساعدة كل الكلاب.
وتضيف داليا أنه يجب زيادة وعي الناس بأن هذه روح وليست لعبة، “في ناس بتتعامل مع الحيوان على أساس أنه لعبة جبت لعبة لأبني واللعبة كبرت ومشاكلها كتير فأرميها في الشارع”.
ومن جانبها ترى نيهال أن المبادرة مستمرة في نشر النوعي عن أهمية التعامل برفق مع الحيوانات و”عدم تعذيب الحيوانات وأهمية رعايتهم في المنطقة اللي أنت ساكن فيها”.
وتضيف “الحاجة اللي مش لطيفة الناس اللي بيخافوا من الكلاب والقطط ويلجأوا إلى إيذائهم من خلال السم، فأحنا دائما نحاول نغير رأيهم ونعلمهم يتعاملوا إزاي مع الحيوانات”.
وتابعت نيهال أن المبادرة تحاول الذهاب إلى المدارس وعمل توعية للطلبة “أنا مقتنعة تماما أن اللي هيغير فكر الناس هو السن الصغير.. أننا نعلمهم إزاي يحبوا الحيوانات وإزاي يحترموها وإننا ممكن نعيش مع بعض لا أن نقتلها”.

جريمة قتل الحيوانات

رغم نص القانون المصري على عقوبة بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز مائتى جنيه، لكل من قتل عمدًا بدون مقتض أو وسم حيوانا من الحيوانات المستأنسة، إلا أن هناك من يرتكب هذه الجريمة في الخفاء مدعيا أن هذه الحيوانات تتكاثر بشكل كبير وترى ضرورة التخلص منها، ومن بين أشهر حالات تسميم الحيوانات مؤخرا واقعة تسميم قطط نادي الجزيرة بالقاهرة، وتقول نيهال “حاولنا التوجه لإدارة النادي، وتقديم حلول بديلة لعملية تسميم القطط، وأوضحنا أن تعقيم القطط سينهي تلك الأزمة بعد فترة، وأن تسميمها لن يمنع تجول القطط بالنادي والمطاعم الموجودة به، بل على العكس سيستقدم قطط مشردة جديدة، لم يتم تعقيمها ولم يتم تطعيمها.. وللأسف لم يستمع لنا أحد”.
وتتفق داليا ونيهال على أن تعقيم الكلاب والقطط هو الطريقة الأصلح لهذه الحيوانات.
وتقول داليا “عملية التعقيم لا تمنع الحيوان من عملية التزاوج، إلا أنه لا ينجب، أي أنه يمارس غريزته بشكل طبيعي لكنه لا يتسبب في تفاقم أزمة تكاثر الحيوانات المشردة”.
وتضيف التعقيم والتطعيم هو الطريقة العلمية السليمة المتبعة في عدة دول لكن نتيجته تكون جيدة “بياخد وقت لكن هنشوف نتيجة بعد 4 أو 5 سنيين مذهلة ورحيمة”.

التعقيم ليس حراما

وترفض نيهال وداليا ما يتردد حول حرمانية تعقيم الحيوانات، وقالت نيهال إن الأزهر الشريف استصدر فتوى تبيح وتجيز تعقيم الحيوانات طالما كان ذلك في مصلحتها، وتسأل “أيهما حرام عملية تعقيم الحيوان للحد من مشكلة كبيرة، أم أتركهم يتكاثرون ويتعرضون للتسميم والموت دهسا على الطرق؟”.
وكذلك تؤكد داليا أن الحديث حول حرمانية تعقيم الحيوانات “أمر مفروغ منه”، مشيرة إلى أن الفتاوى جميعها تؤكد أنه إذا كان التعقيم في مصلحة الحيوانات فهو أمر غير محرم.
زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights