Site icon مصر 30/6

د سامح توفيق يكتب: حكايات زنقة الستات

الذي لا يعرفه الكثيرون، أن كلمة “زنقة” في الأصل لا تعني أن الشارع شديد الضيق وفق اللهجة المصرية، بل هي كلمة اصلًا مصدرها اللهجة المغربية، حيث يطلق المغاربة على الشارع غير الواسع لفظ “زنقة”، أما الشارع الواسع فيقولون عليه “نهج”، أما كلمة “ستات” فهي في الأساس تعود إلى “لستات” واحد من أشهر التجار المغاربة اليهود الذي كان له تجارة كبيرة في الزنقة، لهذا عرفها الناس “بزنقة لستات”، في إشارة لبضائعه وتجارته الكبيرة، وبمرور الوقت تحول اسمها إلى زنقة الستات حسب اللهجة العامية المصرية.

يأخذ السوق سمة الأسواق العربية القديمة، فالدكاكين تتراص كأنها تتزاحم أو تأخذ برقاب بعضها بعضا، لذا أستمرت تسميته بزنقة الستات لأنه يشتهر بأزقته الصغيرة والتى تكفى لمرور شخص واحد فقط فى السوق، بما يتفق مع طريقة تفكير المصريين في الزمن الحالي.

سوق زنقة الستات يشبه المتاهة، حيث يمكن دخوله والخروج منه من عدة أماكن مختلفة. والطريف أن معظم البائعين في «زنقة الستات» من الرجال لكن ذلك لا يثير غضب السيدات، بل يرين أن الرجال يفهمون احتياجاتهن ويبذلون كل ما في وسعهم لإرضائهن ومعاونتهن في اختيار الأفضل لهن.

يعتقد بعض أهالي الإسكندرية أنه أحد آثار الحملة الفرنسية على مصر، مما يجعل عمر السوق يعود إلى نهاية القرن الثامن عشر، حيث يتداول التجار أنه كان إسطبلا لخيل الجنود الفرنسيين لذا سمي الشارع الرئيسي الذي يحتضن السوق بـ«شارع فرنسا». ويحيط بزنقة الستات ما يزيد على 50 منزلا أثريا، كانت مملوكة للتجار اليهود والمغاربة والليبيين والشوام واليونانيين الذين جاءوا للإسكندرية مهاجرين وكانوا يشتهرون ببضائعهم من الأقمشة والسجاجيد والمفروشات والخيوط، وكان اليهود يتاجرون في مستلزمات الخياطة والتطريز.

مسجد الشوربجي المعلق بززنقة الستات

وفي عالم المسرح والسينما، تسللت صورة «زنقة الستات»، وأصبحت مادة ثرية لعدد من الأعمال الفنية التي روجت لها، ومن أشهرها مسرحية «ريا وسكينة» بطولة شادية وسهير البابلي وعبد المنعم مدبولي، وفيلم «زنقة الستات» بطولة فيفي عبده، وفيلم «صايع بحر» لأحمد حلمي. لذا يعج السوق دائماً بالزوار والسائحين من مختلف أنحاء العالم فهو أحد أهم المزارات السياحية بالإسكندرية، لكنه مهدد باستمرار من حيتان التجار ورجال الأعمال الذين يحاولون هدمه وتحويله إلى سوق تجاري عالمي حديث، لكن كبار التجار بالسوق يحاولون التصدي لتلك المحاولات خاصة أن الزنقة تنفرد بوجودها بين عدد من المساجد الأثرية التي تحيط بها وتجسد عظمة العمارة الإسلامية ويرجع تاريخها إلى 140 عاما، منها مسجد الشوربجي المعلق.

Exit mobile version