“أحمد أبو صالح” يكتب: “ميرفت سلطان” المصرفية الساحرة

كان من حسن حظي أن إلتقيت المصرفية البارزة ميرفت سلطان بعد توليها رئاسة مجلس إدارة البنك المصري لتنمية الصادرات بوقت قليل بمكتبها بشارع مصدق بالدقي ، وحقيقة كان إستقبالا جميلا وهادئا و أيضا حوارا صحفيا مصرفيا جيدا و ثرياً وقيما ، فهي من الناحية العملية تمتلك خبرة كبيرة من العمل بالقطاع المصرفي بالإضافة إلي أنها إكتسبت خبرات متنوعة ومختلفة من خلال عملها بالعديد من المدارس المصرفية البنكية المختلفة سواء ببنك HSBC وهو بنك تجاري إنجليزي الهوية أو بمصرف أبوظبي الإسلامي وهو بنك إسلامي يقدم خدماته المصرفية بغطاء شرعي إسلامي أو بالمصرف المتحد وهو بنك حكومي مر بتجارب وأزمات مصرفية عديدة ومتنوعة ؛ كل هذا أكسبها خبرة مصرفية كبيرة وأيضا ثقة واضحة بنفسها وبكل كلمة تنطقها .

الثقة والوضوح

لم يكن عنصر الثقة بالنفس هو ما لاحظته فقط أثناء لقائي الأول بهذه المصرفية الفاضلة التي ما أن مرت دقائق معدودة معها إلا ووجدت نفسي حائرا أتساءل؛ هل هي من سليلات حياة القصور الفخمة المترفة أم هي بنت لدلتا نيل المحروسة تحمل قسماته وملامحه وحيويته ونضارته ؟!  

فالمصرفية ميرفت سلطان تتمتع بشخصية لبقة جدا تجيد فنون الحديث سواء بالعربية أو بالإنجليزية علي السواء؛ ويغلب علي حديثها لهجة عربية رصينة منضبطة تضاهي لغة إعلاميا الكبار ممن يتلون نشرات الأخبار دون خطأ أو إنحراف، وصراحة توقفت كثيرا أما هذه الملكة النادرة؛ والتي قد تكون إكتسبتها من تلاوتها للقرآن الكريم بإستمرار أو لإلمامهما بفنون الكتابة بالفصحي وعلومها خصوصا فيما يتعلق بالنحو والصرف .

كما لاحظت إلمامها وحفظها لكافة أرقام وبيانات المحافظ والقطاعات المختلفة بالبنك ، بل لقد أمسكت بقلم رصاص كبير عريض الخط وكتبت لي نتائج أعمال البنك بكافة قطاعات وأفرع البنك بخطوط واضحة مستقيمة وأيضا بتنسيق جمالي وزوق فريد ؛ وهو ما ينبأ عن شخصية راقية واضحة مستقيمة تعشق العمل المصرفي وتتقن أدق وأعمق تفصيلة . 

محطة المليار

كان حديثي مع هذه المصرفية الساحرة سلسلا ينتقل من نقطة لأخري يسيرا سهلا إلا أنها فاجأتني بأنها تخطط لتحقيق البنك مليار جنيه أرباحا وخلال الأعوام الثلاثة القادمة فقط ؛ صراحة شعرت بأنه طموحا مبالغا فيه فالبنك المصري لتنمية الصادارت هو بنك حكومي يعاني من مشكلات عديدة فكيف لها أن تحقق هذه الخطوة التي كان أول من حقهها المصرفي الموهوب طارق عامر قبل عقد من الآن ولكن مع البنك الأهلي المصري البنك الأكبر والأعرق في مصر فكيف لها أن تحقق هذا الهدف ببنك صغير متخصص يقدم خدمات مصرفية محدودة لقطاع معلوم هم المصدرين .

وكانت المفاجأة .. إستطاعت هذه المصرفية الساحرة تحقيق الهدف وتخطت الأرباح رقم المليار جنيه بل لقد تحول لبنك يمتلك شبكة كبيرة من الفروع المنتشرة جغرافيا تقترب من الـ50 فرعا الآن ، هذا بالإضافة إلي خدمات بنكية ومصرفية متنوعة ومبتكرة ، إضافة لتحول البنك إلي براند وعلامة مصرفية واضحة ينافس كبار المؤسسات المصرفية بالقطاع المصرفي المصري والوطن العربي .

كما تضاعف عدد العاملين بالبنك من 790 إلي 1500 عامل وموظف أي إلي الضعف تقريبا في أربعة أعوام فقط ، بحصة 50 % للرجال والنساء وهي نسبة عادلة تقارب و تماثل المعدلات المجتمعية بين الذكر والأنثي بالمجتمع المصري .

بهية في القلب

لم يكن الدور المجتمعي والهدف الإنساني غائبا عن قلب وأعين المصرفية ميرفت سلطان بل لقد كان أحد المحاور الإستراتيجية للبنك حيث بلغت إجمالي تبرعات البنك 46.2 مليون جنيه في عام 2019 ، كما ساهم البنك بـ 20 مليون جنيه لمواجهة الأضرار المجتمعية الناتجة عن جائحة كورونا ، كما دفع بـ 10 مليون جنيه ، لصندوق تكريم الشهداء ، بالإضافة إلي 7.5 مليون جنيه تبرعا لمستشفي بهية ، وكذلك 5 مليون جنيه تبرعا لصندوق الإستثمار القومي  الخيري .

تكريمات

من الصعب أن يمر عام إلا وتوجد به عدة تكريمات للمصرفية القديرة ميرفت سلطان ففي  ..

• عام 2018 تم تكريمها من العديد من المؤسسات والجهات الدولية حيث إخترتها مجلة “فوربس” الشرق الأوسط، بقائمة السيدات الأكثر تأثيرًا في الشرق الأوسط لعام 2018 وتم التكريم بإحتفالية كبيرة بإمارة دبي .

• وفي عام 2019 حصلت على جائزة الإنجاز المتميز الذي حققته في مجال الصيارفة حيث كرمتها منصة مؤتمر الناس والبنوك في دورته السنوية الـ13 تحت عنوان “مجتمع أقل اعتمادا علي النقد”، علي جهودها المصرفية الهامة .

• كما كُرمت من إتحاد المصارف العربية لعام 2019 في دروته الـ٢٥ بعنوان “انعكاسات التقلبات السياسية على مسار القطاع المصرفي العربي .
• وفي مارس 2020 وتحت رعاية رئيس مجلس الوزراء منحت جائزة  bt100 ، لدورها الفاعل ولإنجازتها الهامة ، وذلك على هامش فعاليات احتفاليتها السنوية، لتكريم كبار المسؤولين بمجتمع الأعمال المصرى ، لتحقيقهم دورًا فاعلًا وهامًا فى المجتمع الاقتصادى والذى يتماشى إنجازاتهم مع خطى الدولة نحو خطة الإصلاح الاقتصادى ورؤية 2030.
• كما تم إختيارها الأم المثالية علي مستوي البنوك العالمة في مصر في نفس الشهر  .
• ومع نهاية العام تم إختيارها كواحدة من أكثر السيدات تأثيرًا في المجتمع المصري لعام 2020، ذلك من قِبل منتدي المرأة المصرية لعام 2020، يأتي هذا الاختيار تزامنًا مع اختيارها كأفضل قيادة مصرفية نسائية في العام، لتأثيرها الإيجابي المتميز في نتائج أعمال البنك، ووضعها لاستراتيجية عمل ناجحة منذ توليها مسؤولية رئاسة البنك.
• كما كان للمصرفية ميرفت سلطان  طلة وكلمة هامة أثناء الموجة الأولي لجائحة كورونا ، حيث توجهت فيها بكلمات حماسية عزبة ملهمة لرفع الروح المعنوية للعاملين الأبطال بالجهاز المصرفي فوسط هذه الجائحة الهائلة لم يغلق فرع ولم يتأخر مصرفي عن عمله .

الإبتكار والإحترام

لن تجد حديثا أو حواراً لهذه المصرفية النادرة إلا وستتكرر به هاتين الكلمتين “الإبتكار والإحترام ” ويبدو أنهما القاعدة الأساسية ومنهج العمل الذي تعتنقه ؛ فميرفت سلطان تعد مدرسة مصرفية فريدة الملامح والقسمات والتي تتمثل في الدقة والأنضباط والعمل الجاد الدؤب والوعي والإلمام بكافة وأعمق تفاصيل العمل المصرفي هذا مع إهتمام بالجانب المعنوي القائم علي روح الفريق والعائلة وتفجير الطاقات الإبداعية .

وزيرة التصدير

وحقيقة أثق وأؤمن تماما بأن المصرفية الساحرة ميرفت سلطان تمتلك بجعبتها أضعاف أضعاف ما سردته – فأنا لم أحظي بالتشرف بها سوي لدقائق معدودة – ولكن لو أرادت الدولة المصرية إستحداث وزارة للتصدير – وهي خطوة تأخرت لعقود – فلن تجد سوي المصرفية ميرفت سلطان لهذا الملف الهام والحيوي بما تتمتع به من إلمام لأدق وأعمق مهام وبيانات ملف التصدير المصري وبما تمتلكه من قدرة فريدة علي الإبتكار والإلهام .