Site icon مصر 30/6

توماس مورونجا: ريكون أفريكا الكندية للنفط حاولت شراء سكوتي برشوةٍ مالية وفرصة عمل

الأفيال

كتب: سامح توفيق

توماس مورونجا: أشعر بحزنٍ عميق وأنا أرى موطني الجميل، دلتا أوكافانغو، التي تعتبر من روائع إفريقيا الطبيعية المخفية وهي تتعرّض لغزو شركة نفطٍ كنديةٍ عملاقة. هذه الأرض هي موطن أكبر قطيعٍ متبقٍ من الأفيال في القارة السمراء، لكنها اليوم معرضةٌ لخطرٍ محدق من جشع الشركات، وبإمكان وزير البيئة والسياحة في ناميبيا وقف هذا المسعى التدميري، من خلال إصدار قرار طال انتظاره بمنع عمليات التنقيب، وإذا شعر بوطأة الضغط العالمي، يمكننا إجباره على إلغاء تصريح الحفر الخاص بـشركة ريكون أفريكا، لذا ندعوكم لدعم إلغاء تصريح الحفر.

توماس مورونجا

لقد حاولت شركة ريكون أفريكا الكندية للنفط والغاز أن تشتري سكوتي عن فظائعها عبر تقديم رشوةٍ مالية وفرصة عمل.

لكنني كما هو حال شعبي، ضقنا ذرعاً بالفساد ولن نبقى صامتين في وجه تهديدات هذه الشركة العملاقة بينما تتعرض حقوقنا للانتهاك وتواجه الحياة البرية خطر الانقراض.

أنا توماس مورونجا

رئيس منظمة الحفاظ على مجتمع كابينجا كاموالي

لقد حمى أجدادي الأنواع الحية المشهورة مثل الأسود والزرافات عبر التاريخ، لكن الفيلة الأفريقية، التي كان عددها في السابق ٢٦ مليوناً، تضاءلت إلى أقل من ٤٥٠ ألفاً، واليوم، تهدّد شركة ريكون أفريكا وجود أكبر قطيع فيلةٍ يعيش في موطن أوكافانجو في أفريقيا، ويبلغ عدده ١٣٠ ألفاً فقط، فهل يمكنكم تخيّل اختفاء هذا المخلوق الرائع؟

عند رؤية “دلتا أوكافانغو” من الفضاء، من مكانٍ عالٍ فوق إفريقيا، فإنها تبدو كزهرة شعاعية هائلة مضغوطة على مشهد الأراضي الواقعة بشمال بوتسوانا.. زهرة تميل ساقُها باتجاه الجنوب الشرقي انطلاقاً من حدود هذا البلد مع ناميبيا

انضممنا في يونيو عام ٢٠٢٢ إلى صندوق العدالة الاقتصادية والاجتماعية، وهي مجموعة مناصرة تحارب الفساد وتدافع عن الحقوق في ناميبيا، في مطالبةٍ واسعة النطاق ضد موافقة الوزير بوهامبا شيفيتا على أنشطة شركة ريكون أفريكا الاستغلالية، على الرغم من انتهاكاتها الصارخة للحقوق والقوانين.

 

ولكن لم يصدر أيّ قرار رغم مرور عامين حتى الآن، في الوقت الذي تواصل فيه شركة ريكون أفريكا نهب أراضينا وسبل عيشنا وتخريبها دون أيّ رادعٍ على الإطلاق.

ندعوكم اليوم للانضمام إلى حملتنا العالمية لمطالبة الوزير بوهامبا شيفيتا إصدار الحكم دون أي تأخير إضافي وإنقاذ دلتا أوكافانغو من أجل شعبها وحياتها البرية الرائعة، ونرجو منكم التوقيع على هذه العريضة ومشاركتها على أوسع نطاق.

يجسّد برنامج ريكون أفريكا مسيرة جشعٍ لا حدود لها، وعلى الرغم من غطاء الشرعية الذي تتستر به، لكنها تفتقر إلى أدنى المعايير الأخلاقية وتضع مصالحها المالية قبل الحياة.

Canadian oil and gas firm Reconnaissance Energy

تستمرالاهتزازات الناجمة عن العمل الاستكشافي الذي تقوم به ريكون أفريكا في إزعاج الفيلة، كما أجبرتها الزيادة في البناء والطرق وحركة المرور على تغيير طرق هجرتها، مما دفعها إلى عبور قرىً غير مجهزة وهو ما جعلها تدمر المحاصيل أثناء تنقّلها، والأخطر من ذلك أنها فتحت المنطقة أمام الصيادين غير الشرعيين.

نحن المجتمعات المحلية في أوكافانغو لم تتم استشارتنا كما ينبغي ولم يتم إطلاعنا على المشروع النفطي بوضوح، بل على العكس، لقد دهسوا حقوقنا بلا رحمة، وتعاملوا مع حياتنا والحياة البرية التي نحميها كما لو أنها بلا قيمة.

قد تؤدي جهود التنقيب التي تبذلها شركة ريكون أفريكا في أوكافانغو إلى تدميرٍ كارثي لأكبر تجمع للفيلة في أفريقيا، وسنكون جميعاً شهوداً على مسيرة الانقراض المتسارع لآخر الكائنات الحية العظيمة على الأرض.

لن نقف متفرجين بينما تدمر مصالح الشركات واحداً من أهم ملاذات الحياة البرية أفريقيا، بل على العكس من ذلك، سنتحد للدفاع عن أوكافانغو والحفاظ على تراثها العريق!

نحاول جمع ما يكفي من التواقيع على عريضة، سنقوم بتسليمها إلى الوزير شيفيتا مباشرةً لدعم مطلبنا بالدفاع عن حقوق شعبي وحقوق الآلاف من الأنواع الحية التي لا تستطيع الدفاع عن نفسها.

أنقذوا دلتا أوكافانغو

إننا نشهد اليوم بداية ضررٍ لا يمكن إصلاحه، وهو ما يجعل الدعوة إلى العمل أكثر إلحاحاً من أي وقتٍ مضى. يجب علينا أن نستنفر ضد هجمة الجشع وندافع عن أرضنا الثمينة، وندعوكم للانضمام إلى المعركة لحماية دلتا أوكافانغو قبل فوات الأوان!

 

ريكون أفريكا الكندية للنفط

 

أوكافانغو أكبر واحات العالم

 

إنها واحدة من المناطق الرطبة الرائعة على كوكبنا: بقعة واسعة من القنوات والأهوار والبحيرات الصغيرة الداعمة للحياة البرية وسط منطقة شديدة الجفاف في القارّة الإفريقية. رغم كل ما سبق إلا أن هذه الدلتا لا تصبّ في البحر؛ بل هي محاطة تماماً بحوض كالاهاري الجافّ، وتنتهي على طول حدودٍ جنوبية شرقية مختفية في رمال كالاهاري. ويمكن عَـدُّها أكبر واحة في العالم؛ وهي ملاذ يوفر أسباب العيش للفيَـلة وأفراس النهر والتماسيح والكلاب البرية الإفريقية؛ وكذلك ظباء التيل وظباء السبخات وغيرها من ظباء المناطق الرطبة؛ إلى جانب الخنازير الوحشية الثؤلولية والجواميس والأسود وحُمُر الزَّرَد (الحمر الوحشية المخططة)، وطيور مثيرة للعجب بتنوّعها وكثرتها. كما تعد دلتا أوكافانغو موطناً لصناعة سياحية تقدّر قيمتها السنوية بمئات ملايين الدولارات. ولكن إنْ نظر المرء إليها من مكان عالٍ في الفضاء، فلن يرى أفراس النهر وهي مسترخية في مراقدها النهارية، ولن يرى الكلاب البرية وهي تسترخي في ظل الشجيرات الشوكية، ولا تعابير السرور التي تعلو وجوه الزوّار والمستثمرين المحليّين. كما أنه لن يرى مصدر كل تلك المياه. كل تلك المياه تقريباً يأتي من أنغولا، جارة بوتسوانا المعقّدة، والتي تفصلها عنها دولة. فالمياه تنبع من المرتفعات الرطبة لوسط أنغولا غزير الأمطار، وتجري نحو الجنوب الشرقي للبلد، ويكون جريانها سريعاً في مجرى أساسي هو نهر “كوبانغو”، وبطيئاً في مجرًى آخر هو نهر “كويتو”، حيث تجتمع في بحيرات تشكل مصادر للمياه، ثم ترشح ببطء عبر السهول الفيضية (أراضٍ تنغمر بمياه المدّ) العشبية، ورواسب الخُثّ، والرمال التي تحتها.. ومن ثم تسيل مشكِّلة روافد. ويجتمع نهرا كويتو وكوبانغو لدى الحدود الجنوبية لأنغولا، مشكلَين نهراً أكبر هو نهر “أوكافانغو”، الذي يجري قاطعاً “شريط كابريفي”، وهو قطعة جغرافية ضيقة من ناميبيا، ويدخل أراضي بوتسوانا. وينساب سنوياً ما معدّله 9.4 تريليون لتر من المياه إلى بوتسوانا. ولولا نعمة المياه هذه التي تصل إلى هذا البلد كل عام من أنغولا، لما كان لدلتا أوكافانغو وجود، بل لكانت شيئاً آخر.. وذاك الشيء الآخر ما كان ليشمل أفراس نهرٍ ولا ظباءً سبخية ولا عقبان سمك إفريقية. فلو تخيّلنا أن الجنوب الإفريقي ملعب غولف شاسع، لكانت أوكافانغو -دون تلك المياه الغزيرة- مجرّد واحدة من مطبّات الملعب الرملية فيه. والتغيّرات الجارية حالياً أو المنظورة، المتعلقة باستعمال الأراضي وتحويل مجرى المياه والكثافة السكانية والتجارة.. كلها تجعل من ذاك المشهد القاتم (أي المطبّات الرملية) احتمالاً حقيقياً. لذا فقد حظي نهرا كويتو وكوبانغو باهتمام كبير لدى بعض الأوساط. ولذلك أيضا انطلق إلى المنطقة فريق دولي في مسعًى عظيم للاستكشاف وجمع البيانات ودعم حفظ الطبيعة، ضمن “مشروع براري أوكافانغو”. يتألف هذا الفريق من العلماء، والمسؤولين الحكوميين، ومخططي الموارد الطبيعية، والمستكشفين الشباب الجريئين. جمعَ الفريقَ رجلٌ شديد الحماسة من جنوب إفريقيا يُدعى “ستيف بويز”، وهو عالمُ أحياء متخصّصٌ بحفظ الطبيعة. ويحظى المشروع بدعم من لدن “الجمعية الجغرافية الوطنية” (الأميركية). يُدرك جميع هؤلاء أن عافية دلتا أوكافانغو ومستقبلها مهدّدان، وأن عافية المنطقة الجنوبية الشرقية من أنغولا ومستقبلها مهدّدان كذلك. “إننا نلعب في الوقت بدل الضائع”، هكذا قال لي “ستيف بويز” ونحن نجلس لدى مخيّم على طول نهر كوبانغو في وقت سابق من هذا العام، بعد أن أمضينا يوماً طويلاً ونحن نجذّف زوارق “موكورو”، هابطين مجرى النهر. وُلد بويز في مدينة جوهانسبيرغ حيث نشأ وشبَّ على حب الطبيعة، وعمل سنوات طوال بوظائف عديدة: من نادل إلى مناصر للطبيعة ودليل سياحي، إلى مدير لمخيّم في دلتا أوكافانغو. وقد تمكّن خلال مسيرته المهنية تلك من نيل شهادة دكتوراه. وبحلول عام 2007، أصبح شديد الوعي بمشكلة مصادر المياه، فحاول إطلاق صافرات الإنذار بين أبناء شعب بوتسوانا، لكن جهوده تكسرت على صخرة الاعتقاد السائد لدى هؤلاء بأن ذلك قَدَر محتوم. “لم يكونوا مهتمّين”، يقول الرجل عن البوتسوانيين وهو يستذكر رداً نمطياً يجري على لسانهم، إذ كانوا يرددون أن أنغولا مكان سيء وفظيع حقاً، ومن العار أن ينتهي عمر النهر. كان عدم الاكتراث ذاك كفيلاً بأن يدفع بويز إلى التحرّك؛ فأخذ يرنو شمالاً، باتجاه منابع المياه. فأقسم على نفسه قائلاً: “سنفعلها! سنحاول أن نفهم ما طبيعة هذه المنظومة المائية”. وفي الواقع، لم يكن يأمل بأن يفهمها فحسب، بل وأن يساعد في الحفاظ عليها.

Exit mobile version