Site icon مصر 30/6

الكوريتان على وشك الصدام الحربي والسبب أكياس قمامة

“معظم النار من مستصغر الشرر”

هكذا اتفق أجدادنا على حكمة، يشهد الواقع الحياتى عمقها كل يوم، سواء فى حياة الشعوب، أو حتى فى العلاقات بين الدول، وما يحدث فى تلك الأيام بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، قد يحقق تلك الحكمة، ولكن حينها سوف تكون كارثة باندلاع حرب تشعل المشهد العام العالمى، فى ظل حرب أوكرانيا المدمرة لاقتصاد العالم، أو الحرب فى غزة، والتى تدمر منظومة المجتمع الدولى فى ظل اختراق تل أبيب لكافة قوانين البشر والإنسانية.

“أكياس قمامة” .. هذا هو عنوان الشرر الصغير الذى أحدث أزمة كبرى بين الجارتين، وذلك بعد أن أعادت كوريا الشمالية مخططها لإرسال بالونات تحمل أكياس بلاستك مملوءة بالقمامة والسماد إلى جارتها الجنوبية، وذلك فى ردها على بث منشورات دعائية في الشمال، وحالة الاستنفار الأمنى داخل كوريا الجنوبية، قد ينذر بعواقب وخيمة فى العلاقات بين البلدين. 

عودة البث مع استمرار البالونات

وفى أحدث حالات الفعل ورد الفعل، قالت كوريا الجنوبية إنها ستستأنف البث الدعائي المناهض لكوريا الشمالية في المناطق الحدودية ردًا على استمرار حملات كوريا الشمالية المستمرة لإلقاء القمامة على الجنوب بالبالونات، وقال المكتب الرئاسي في سيول في بيان إنه بعد اجتماع أمني طارئ بقيادة مدير الأمن القومي الكوري الجنوبي تشانغ هو جين، قرر المسئولون تركيب وبدء البث عبر مكبرات الصوت في المناطق الحدودية يوم الأحد، ومن المؤكد أن هذه الخطوة ستثير غضب كوريا الشمالية وربما تدفعها إلى اتخاذ خطوات عسكرية انتقامية.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة NPR الأمريكية، وبخ تشانغ ومسئولون أمنيون كوريون جنوبيون آخرون بيونغ يانغ لمحاولتها إثارة “القلق والاضطراب” في كوريا الجنوبية وشددوا على أن كوريا الشمالية ستكون “المسئولة الوحيدة” عن أي تصعيد مستقبلي للتوترات بين الكوريتين، وقال الجيش الكوري الجنوبي إن كوريا الشمالية أطلقت خلال عطلة نهاية الأسبوع مئات البالونات التي تحمل القمامة إلى كوريا الجنوبية في حملتها الثالثة من نوعها منذ أواخر مايو، وذلك بعد أيام فقط من إطلاق نشطاء كوريين جنوبيين بالونات خاصة بهم لتوزيع منشورات دعائية في الشمال.

1000 بالون تحمل أطنان من القمامة

من جانبها، أرسلت كوريا الشمالية حتى الآن أكثر من 1000 بالون لإسقاط أطنان من القمامة والسماد في الجنوب ردا على حملات المنشورات المدنية الكورية الجنوبية، مما زاد من التوترات بين الخصمين المنقسمين بسبب الحرب وسط جمود دبلوماسي بشأن طموحات كوريا الشمالية النووية، وكان استئناف البث عبر مكبرات الصوت في كوريا الجنوبية متوقعا على نطاق واسع منذ الأسبوع الماضي، عندما علقت كوريا الجنوبية اتفاق تخفيف التوتر لعام 2018 مع كوريا الشمالية، وسمحت هذه الخطوة للجنوب باستئناف الحملات الدعائية وربما استئناف التدريبات العسكرية بالذخيرة الحية في المناطق الحدودية.

وقالت هيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية إنها رصدت قيام الشمال بإطلاق حوالي 330 بالونًا باتجاه الجنوب منذ ليلة السبت، وتم العثور على حوالي 80 بالونًا في الأراضي الكورية الجنوبية حتى صباح الأحد، وقال الجيش إن الرياح هبت شرقا مساء السبت، مما قد يتسبب في تحليق العديد من البالونات بعيدا عن الأراضي الكورية الجنوبية، وقال الجيش الكوري الجنوبي إن البالونات التي هبطت أسقطت قمامة، بما في ذلك النفايات البلاستيكية والورقية، ولكن لم يتم اكتشاف أي مواد خطرة.

وحدات الكيميائية والمتفجرات

وقد يظن البعض أن تلك البالوات تعد أمرا هينا، ولكن حالة الاستنفار الأمنى تتسبب فى توتر داخل كوريا الجنوبية، فقد نبه الجيش، الذي حشد وحدات الاستجابة السريعة الكيميائية وإزالة المتفجرات لاستعادة البالونات والمواد الكورية الشمالية، الجمهور إلى الحذر من الأجسام المتساقطة وعدم لمس البالونات الموجودة على الأرض ولكن إبلاغ الشرطة أو السلطات العسكرية بها.

وكانت عمليات إطلاق البالونات التي قامت بها كوريا الشمالية يوم السبت هي الثالثة من نوعها منذ 28 مايو، وفي الجولتين السابقتين لكوريا الشمالية من أنشطة البالونات، اكتشفت السلطات الكورية الجنوبية حوالي 1000 بالون كانت مربوطة بأكياس الفينيل التي تحتوي على السماد وأعقاب السجائر وقصاصات القماش والنفايات، والبطاريات ونفايات الورق، وتفجرت بعضها وتناثرت على الطرق والمناطق السكنية والمدارس. ولم يتم العثور على مواد شديدة الخطورة ولم يتم الإبلاغ عن أي أضرار جسيمة.

شرط كوريا الشمالية للتوقف

وعن شرطها للتوقف، قال نائب وزير الدفاع الكوري الشمالي، كيم كانغ إيل، في وقت لاحق إن بلاده ستوقف حملة البالونات، لكنه هدد باستئنافها إذا أرسل الناشطون الكوريون الجنوبيون منشورات مرة أخرى، وفي تحد للتحذير، قالت مجموعة مدنية كورية جنوبية بقيادة المنشق الكوري الشمالي بارك سانج هاك، إنها أطلقت 10 بالونات من بلدة حدودية يوم الخميس تحمل 200 ألف منشور مناهض لكوريا الشمالية، ووحدات تخزين USB بها أغاني البوب ​​الكورية وأغاني كورية جنوبية، الأعمال الدرامية وفواتير دولار أمريكي واحد. 

وذكرت وسائل إعلام كورية جنوبية أن مجموعة ناشطة أخرى أطلقت أيضًا بالونات تحمل 200 ألف منشور دعائي باتجاه كوريا الشمالية يوم الجمعة، ووصف المسئولون الكوريون الجنوبيون إطلاق كوريا الشمالية لبالونات القمامة وغيرها من الاستفزازات الأخيرة بأنها “سخيفة” و”غير عقلانية” وتعهدوا بالانتقام القوي.

حرب معنوية 

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن كوريا الجنوبية، ومن خلال مكبرات الصوت، تبث برامج مناهضة لبيونغ يانغ، وأغاني البوب ​​الكورية، والأخبار الخارجية عبر الحدود المدججة بالسلاح بين الخصمين، ويقول محللون إن كوريا الشمالية حساسة للغاية تجاه مثل هذه البرامج لأنها تخشى أن تؤدي إلى إضعاف معنويات القوات والسكان في الخطوط الأمامية وإضعاف قبضة الزعيم كيم جونغ أون على السلطة في نهاية المطاف.

وفي عام 2015، عندما استأنفت كوريا الجنوبية البث عبر مكبرات الصوت لأول مرة منذ 11 عامًا، أطلقت كوريا الشمالية قذائف مدفعية عبر الحدود، مما دفع كوريا الجنوبية إلى الرد بإطلاق النار، وفقًا لمسئولين كوريين جنوبيين، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات، فيما شن كيم في السنوات الأخيرة حملة مكثفة للقضاء على التأثيرات الثقافية واللغوية الكورية الجنوبية، وفي يناير، أعلن كيم أن كوريا الشمالية ستتخلى عن هدفها طويل الأمد المتمثل في الوحدة السلمية مع الجنوب وإعادة كتابة دستورها لتعزيز الجنوب كعدو دائم، ويقول الخبراء إن جهود كيم لتعزيز الهوية المنفصلة لكوريا الشمالية قد تهدف إلى تعزيز حكم عائلة كيم.

ومن المحتمل أيضًا أن تهدف حملة البالونات التي تقوم بها كوريا الشمالية إلى إحداث انقسام في كوريا الجنوبية حول النهج المتشدد الذي تتبعه حكومتها المحافظة تجاه كوريا الشمالية، ودعا المشرعون الليبراليون وبعض الجماعات المدنية وسكان الخطوط الأمامية في كوريا الجنوبية الحكومة إلى حث نشطاء المنشورات على وقف إطلاق البالونات لتجنب الاشتباكات غير الضرورية مع كوريا الشمالية، ولكن المسئولين الحكوميين لم يقدموا مثل هذا الاستئناف بما يتماشى مع حكم المحكمة الدستورية العام الماضي الذي ألغى قانونًا يجرم منشورًا مناهضًا لكوريا الشمالية باعتباره انتهاكًا لحرية التعبير.

Exit mobile version