أخبار عربية ودولية

ما هو التهديد الذي يواجه الاقتصاد الصيني؟

رغم التحديات التي أصبحت تواجه الاقتصاد الصيني خلال الفترة الأخيرة بسبب رفع التعريفات الجمركية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على منتجات مصدرة منها، وكلاهما شريكان تجاريان رئيسيان لها، فإن هذا قد لا يكون التهديد الأكثر إلحاحاً للاقتصاد الصيني في الوقت الحالي، بل يتمثل هذا التهديد في تباطؤ الطلب المحلي في الصين.

خلال يونيو، انكمش مؤشر مديري المشتريات الرسمي في الصين – الذي يعبر عن نشاط الشركات الكبرى والمؤسسات المملوكة للدولة ـ للشهر الثاني على التوالي.

في المقابل، أظهرت قراءة مؤشر مديري المشتريات من S&P Global – والتي تعكس النشاط في الشركات الخاصة الصغيرة والمتوسطة الموجهة نحو التصدير – أن نمو الإنتاج بلغ أعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات في يونيو، بحسب موقع Business Insider.

ويعني هذا أن الطلب الاستهلاكي داخل الصين يتباطأ، حتى مع نمو الطلب على المنتجات المصنوعة في الصين من الخارج.

ويعد هذا الاختلاف مهماً لأن الصين قد تواجه انخفاض الطلب العالمي على بعض صادراتها بعد بدء الرسوم الجمركية التجارية.

وفي تقرير حديث، كتب الاقتصاديون في شركة Nomura للخدمات المالية، أن هناك “مخاوف من أن الاقتصاد الصيني لن يكون قادراً على الحفاظ على التعافي القوي من خلال الاعتماد على الصادرات فقط”.

وأضافوا أن قناعة السوق بتعافي الصين تضعف، مع تخلي مؤشر CSI 300 القياسي في الصين عن بعض المكاسب بعد أن وصل إلى ذروته في مايو.

وقال الخبير الاقتصادي في Bloomberg Economics، إريك تشو، إنه في حين أن الصادرات قد تستمر في دعم النمو في الأشهر المقبلة، إلا أنها “ربما لن تتغلب على الضعف على الجانب المحلي”.

عدم اليقين يسهم في ضعف معنويات المستهلكين

تؤكد قراءات مؤشر مديري المشتريات الصيني التحديات التي يواجهها اقتصاد البلاد، فالصين تحاول حالياً التغلب على التحول الاقتصادي المؤلم، الذي يساهم في مشهد اقتصادي غير متساوٍ.

كما تواجه أزمة عقارية كبيرة، وتقلبات في سوق الأوراق المالية، ورياح جيوسياسية معاكسة، وتحديات ديموغرافية.

ويساهم عدم اليقين الاقتصادي في ضعف معنويات المستهلكين والتحوط من المخاطر. فالناس ينفقون أموالهم على الذهب والتجارب بدلاً من السلع المتوفرة.

ويضر ضعف الطلب الاستهلاكي بالاقتصاد الصيني، لأنه من الممكن أن يساهم في خلق حلقة مفرغة من الضغوط الانكماشية على خلفية تباطؤ نمو الأجور والإنفاق الاستهلاكي.

وكتب الاقتصاديون في Nomura، خلال مذكرة منفصلة يوم الاثنين الأول من يوليو: “يشير الاختلاف بين الإنتاج التوسعي وانكماش الطلبيات الجديدة إلى أن بيانات النشاط على جانب العرض قد تستمر في التفوق على بيانات نشاط جانب الطلب، والتي من المرجح أن تمارس ضغطاً هبوطياً مستمراً على أسعار السلع”.

وكتب كبير الاقتصاديين في آسيا باستثناء اليابان في بنك Mizuho، فيشنو فاراثان، يوم الاثنين، أن الانكماش في مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الرسمي وتراجع الأرباح الصناعية يؤكدان أيضاً المخاوف بشأن تحفيز السياسة الحكومية “القليل جداً والمتأخر جداً”.

وأضاف فاراثان أن “الشكوك في قدرة بكين على التعامل مع الإنعاش الاقتصادي تتزايد بشكل مبرر”.

لكن في إطار العمل على تحفيز الاستهلاك المحلي وتحقيق أهداف أخرى، أعلنت وزارة المالية الصينية عن حزمة شاملة من التدابير المالية والضريبية، تتضمن دعم تحديث الشاحنات والسفن القديمة، وتشجيع استخدام الحافلات الكهربائية في المدن، وزيادة الحوافز الضريبية للمعدات الصديقة للبيئة.

كما تقدم الحكومة إعانات للمستهلكين لاستبدال السيارات القديمة بنماذج جديدة أو كهربائية، وتدعم توسيع شبكة محطات شحن السيارات الكهربائية، كما تم إنشاء صندوق خاص لمعالجة النفايات الإلكترونية وتحسين نظام إعادة تدوير الأجهزة المنزلية.

الركود العقاري أسهم في خفض ثقة المستهلك

في تقرير لشركة Interact Analysis البحثية نشرته في مايو/ أيار الماضي، قالت المحللة سامانثا مو، إن الركود المستمر في قطاع العقارات في الصين وضعف التعافي في ثقة المستهلك يمثلان تحديين رئيسيين يؤثران على توقعات الشركة لعام 2024، وهو ما دفعها لتعديل التوقعات لنمو إنتاج التصنيع في الصين على أساس سنوي في عام 2024 بشكل طفيف، من 2.6% إلى 2.4%.

وأضافت أن انتعاش الطلب المحلي ظل بطيئاً حتى مايو 2024، مما أدى إلى منافسة شديدة وانخفاض الأسعار في السوق المحلية في الصين. وكانت الضغوط الانكماشية سائدة في قطاع التصنيع في الصين منذ بداية العام الماضي، ومن المرجح أن يظل عامل التسعير عائقاً أمام نمو إنتاج التصنيع في الصين هذا العام. 

تعاني الصين من أزمة في القطاع العقاري في السنوات الأخيرة، مع تراجع الطلب وزيادة المعروض، وحدوث مشكلات تتعلق بالتمويل، وهي الأزمة المعرضة للاستمرار، وقد يستغرق حلها ما بين أربع وست لحل سنوات، وفقاً لما قالته كبيرة الاقتصاديين في جامعة أكسفورد إيكونوميكس، لويز لو، في ديسمبر الماضي. 

وذكرت سامانثا مو أنه بسبب الضعف المستمر في قطاع العقارات، لا تتوقع أن يتحسن الطلب المحلي في الصين بشكل ملحوظ قبل النصف الثاني من عام 2024.

وأوضحت أنه من بين القطاعات الصناعية، لاحظت علامات إيجابية على الانتعاش في صناعة أشباه الموصلات، لكن الاستثمارات والإنتاج في قطاع السيارات الكهربائية شهدا تراجعاً مقارنة بالعام الماضي.

وقالت إن البيانات الأخيرة تشير إلى أن نمو الاستهلاك المحلي في الصين لا يزال ضعيفاً. وكان الركود العقاري عاملاً هاماً في خفض ثقة المستهلك. ولأن قسماً كبيراً من ثروات الأسر الصينية يكمن في العقارات، فإن انخفاض أسعار المساكن جعل المستهلكين يشعرون بأنهم أكثر فقراً ويميلون إلى الادخار أكثر.

وأدى ضعف الطلب في السوق إلى قيام الشركات المصنعة بتخفيض الأسعار بسبب المنافسة، كما تباطأ نمو الاستثمار أيضاً بسبب انخفاض الطلب على توسيع القدرات، بحسب سامانثا مو.

وأثار هذا القلق بين الشركات العالمية في الصين، حيث حذر البعض بشأن توسيع الاستثمار في الصين بسبب المنافسة السعرية الشديدة مع الموردين المحليين.

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights