تخيل أن تتجول في لوحة فنية تتغير تفاصيلها مع كل لحظة، لوحة تتألق بألوان الطبيعة الخلابة وأصالة العادات والتقاليد. هذا هو ما يقدمه لنا مصورون هواة مصريون، عشقوا ريف بلادهم فوثقوه بأعين كاميراتهم، ليحولوها إلى تحف فنية تصل إلى قلوبنا.
إبداع بعيون هاوية.. كيف تتحول مشاهد الريف المصري إلى لوحات فنية؟
صور مميزة تتحدث بالحياة وصفاء الروح مع جمال الطبيعة صورها مبدعون هواة سحرتهم مشاهد الريف المصري، فقرروا توثيقها على طريقتهم الخاصة، كان أبرزهم المبدع عُمر جبل، المصور الذي احترف التصوير عن هواية دون تربح يجوب أنحاء العالم موثقًا تفاصيله الرقيقة، إلا أن الريف المصري أخذ من اهتمامه حيز المحبة ليوثق جماله بأسلوب فني متقن ومبهر.
في محافظة الغربية، وبالتحديد في قرية شبرا بلولة الشهيرة بزراعة الياسمين، ومزارع البلح في دهشور، أبدع جبل في توثيق الحياة الريفية بدقة متناهية. فيعتبر «جبل»، أن التوقيت هو «سر» الصورة المبهرة، لذا يختار لحظات ذهبية لالتقاط صوره، فهو يؤمن بأن الضوء الطبيعي هو ما يمنح الصورة سحرها الخاص.
مصورين هواة يوثقون الريف المصري كلوحات فنية تتصدر للعالمية
يقول «جبل»: «عندما ألتقط صورة، أبحث عن اللحظة التي تعكس الحياة بكل تفاصيلها. وعلى سبيل المثال في شبرا بلولة، صوّرت مشهدًا لقطاف الياسمين، حيث يبدأ الفلاحون عملهم قبل شروق الشمس لحماية الزهور من أشعتها، وعلى مرمى البصر تجد الياسمين الأبيض مُزهرًا في مشهد بديع.»
فا بالنسبة لجبل، التصوير هو أكثر من مجرد هواية؛ هو وسيلة للتعبير عن مشاعره وتوثيق لحظات الحياة. وعلى الرغم من خلفيته المهنية كمهندس ديكور، يفضل أن تبقى هوايته خالصة وغير تجارية، مُفضلًا أن تعبر صوره عن حبه للجمال دون قيود.
محمد حسن فودة
تأملات في جمال مصر بدأت بسبب كورونا
محمد حسن فودة، الذي دخل عالم التصوير في عام 2020، استخدم فترة الإغلاق بسبب جائحة كورونا كفرصة لاستكشاف شغفه الجديد. فيعتبر فودة أن تصوير الطبيعة هو وسيلة لتقدير جمال خلق الله، ويهدف من خلال صوره إلى تقديم جمال مصر للعالم خاصة عبر مجموعات الصور على فيسبوك التي يتفاعل معها الجماهير من جميع أنحاء العالم.
يقول فودة: «بدأت رحلتي في التصوير خلال الحجر الصحي، حيث وجدت في التصوير ملاذاً للهروب من الروتين اليومي. من تصوير الريف من شباك منزلي الصغير، ومعها تطورت هوايتي لتشمل تصوير المناظر الطبيعية في مصر. وهدفي هو إبراز جمال بلدنا وعظمة خلق الله، ونشر هذه الصورة الإيجابية على مستوى عالمي.»
إبراهيم شعبان: حياة الريف بألوان جديدة
وثق إبراهيم شعبان الريف المصري على طريقته الخاصة عبر مقاطع فيديو لتحضير الطعام من قلب الأرض الريفية مع إذاعة القاهرة، ونغمات الراديو القديمة. ليُبدع في توثيق قريته تفهنا العزب في محافظة الغربية، ومعها تطور الأمل حتى أصبح ناقًلا مبدعًا لجمال الريف المصري من خلال عدسة كاميرته. ويعبر شعبان عن حبه للطبيعة والمشاهد الريفية التي يتفاعل معها يوميًا، ويهدف من خلالها تسليط الضوء على التباين بين حياة الريف وحياة المدن الكبرى.
فيقول شعبان: «أعتقد أن سر نجاح صوري يكمن في حبي العميق لما أصوره. عندما ألتقط صورة، أشعر بأنني أشارك جزءاً من نفسي مع العالم»، مًضيفًا: فكرتي تطورت لتشمل تصوير الأكلات المشهورة في الريف، ومشاركة ثقافة الطعام مع الناس. ومنها بدأت بتصوير مقاطع فيديو لأكلات تقليدية مثل المحشي على الحطب. والإفطار المصري الأصلي، فيُعد هدفي هو إبراز الحياة الريفية بشكل صحي وطبيعي.
ويتابع: «في قريتي، بدأت رحلتي مع التصوير بعد تشجيع أصدقائي، الذين رأوا في صوري جمالًا يستحق المشاركة. فأنا أحب تصوير الطبيعة، خاصة عند الغروب، حيث تندمج ألوان السماء مع الزرع والنيل لتخلق لوحة فنية ساحرة، فأنا أصور بكل حب وشغف، وهذا يظهر في جودة الصور والفيديوهات التي ننتجها. نحاول أن نوصل رسالة جمال الريف وثقافته لكل الناس. كذلك أؤمن بأن كل شخص يستحق تجربة حياة هادئة وسط الطبيعة.»
كما يخطط شعبان لتطوير السياحة الريفية من خلال تنظيم رحلات تخييم في الريف، حيث يقدم للزوار وجبات تقليدية مصرية مصنوعة من مكونات طبيعية، بهدف تعريفهم بثقافة وتراث الريف المصري، وتقديم تجربة سياحية مميزة قد تكون بديلاً مثيرًا للكامبينج في الصحارى.