لواء دكتور “سمير فرج” يكتب: وعاد التدريب المشترك البحري المصري التركي ..
ahmed ibrahim
بعد انقطاع 13 عام، عاد التدريب البحري المصري التركي المشترك الذي يطلق عليه اسم بحر الصداقة، والذي كان يتم كل عام اعتبارا من عام 2009. وفجأة، توقف عام 2013 بسبب التوتر في العلاقات السياسية بين مصر وتركيا، بعد خروج الإخوان من حكم مصر.
ويتم التدريب هذا العام اعتبار من يوم 22 سبتمبر حتى يوم 26، وسوف يتم التدريب هذا العام في منطقة شرق البحر المتوسط، على أن ينفذ العام القادم في منطقة البحر الأسود داخل المياه التركية. ويشترك في التدريب من الجانب التركي 2 فرقاطة، 2 زورق هجومي، غواصة وطائرات إف 16.
وأما من الجانب المصري فيشارك عدد من قطع القوات البحرية المصرية منهم “تحيا مصر” و”الفريق ذكري”. وخلال هذا التدريب سوف تزور القطع البحرية المشتركة أحد الموانئ التركية في البحر المتوسط.
وهنا يسأل البعض، ما أهمية هذا التدريب المشترك؟
وتكون الإجابة هي ان بالنسبة للجانب التركي، فإنه يتدرب مع القوات البحرية المصرية، وهي سادس قوة بحرية في العالم، وتمتلك حاليا أحدث القطع البحرية، حيث عمل الرئيس السيسي منذ توليه رئاسة مصر على دعم القوات البحرية.
والآن يوجد في مصر إثنين مسرح عمليات بحري: الأول في البحر المتوسط ويسيطر عليه الأسطول البحري الشمالي، حيث ظهرت أهميته بعد ظهور الغاز ..
لذلك أصبح من اللازم تأمين هذه المصادر.
الثاني في البحر الأحمر، الذي يلزم تأمينه من أجل قناة السويس، ولذلك تم إنشاء الأسطول البحري الجنوبي، خاصة بعد تطوير قناة السويس، والتي أصبحت تقدم لمصر عشرة مليارات دولارات سنويا.
ومن هنا، أمر الرئيس السيسي بشراء حاملات المروحيات الفرنسية مسترال، وفرقاطات فرنسية وإيطالية، وأربع غواصات من ألمانيا، وأربع فرقاطات من ألمانيا، منهم ثلاثة يتم شراؤها، والرابعة يتم تصنيعها في الترسانة البحرية في الإسكندرية.
علاوة على إنشاء قاعدتين بحريتين: واحدة في غرب الإسكندرية لقيادة الأسطول البحري الشمالي، والثانية في برنيس بقيادة أسطول البحري الجنوبي في البحر الأحمر.
كذلك سوف تستفيد تركيا استفادة كبيرة من التدريب مع الأسطول البحري المصري الذي ينفذ أكبر تدريبات بحرية.
خاصة أن هناك ما يسمى بالتدريب البحري العابر للقطع الفرنسية والإيطالية والإسبانية واليونانية، والبريطانية التي عندما تعبر قناة السويس تطلب تدريب عابر مع القوات البحرية المصرية خلال فترة عبورها قناة السويس.
كما أن الأسطول البحري المصري له خبرة عمليات، عندما خاض معارك مع إسرائيل خلال حرب الاستنزاف وحرب 73، ولعل قيام القوات البحرية المصرية بأول عملية استخدمت فيها الصواريخ البحرية سطح-سطح في العالم، وأغرقت بها المدمرة الإسرائيلية “إيلات” أكبر قطع البحرية الإسرائيلية، ومن يومها تغيرت أساليب القتال البحرية، ونظم التسليح البحري في العالم. حيث لم يعد هناك بناء الطرادات والمدمرات، وأصبح العالم مهتم بصناعة الفرقاطات صغيرة الحجم ذات قدرة نيرانية عالية وتكنولوجيا على أعلى مستوى بعد تدمير المدمرة “إيلات”.
وعلى الجانب المصري، سوف يستفيد الأسطول البحري المصري بالتدريب مع الأسطول التركي ذات الخبرة المميزة في مجال البحر، حيث أن تركيا لديها أسطول بحري قوي لكي تواجه عدوها الأول، اليونان ذو القدرة البحرية المتميزة. كذلك هناك استفادة لمصر من الصناعة البحرية العسكرية التركية في الترسانة البحرية في “غولجوك” ذات الخبرة العالية في الصناعات البحرية العسكرية.
ويأتي هذا التدريب في منطقة شرق المتوسط، التي أصبحت منطقة غنية بالغاز، حيث تعمل كل دولة ان يكون لها أسطول يحقق لها الحماية. ويكفي المثال أن إسرائيل استولت على البلوك رثم 9 في المياه من المنطقة الاقتصادية اللبنانية، وبها إثنين حقل غاز طبيعي، ولبنان لم تفعل شيئا بسبب ضعف قوتها البحرية.
كذلك فإن كلا الدولتين تعملان سويا في البحر المتوسط على التصدي للهجرة غير الشرعية، لذا وجب التنسيق بينهم من خلال هذا التدريب المشترك. كما أن ذلك التدريب أيضا يتيح للقوات البحرية المصرية العمل في ميدان بحري جديد وهو البحر الأسود، وهو المكان الذي لم يتدرب فيه من قبل.
وعموما، جاءت عملية التدريب البحري المشترك لتزيد من قلق وتوتر إسرائيل، حيث بدأت منطقة الشرق الأوسط حاليا تلاحظ تغييرات سياسية واستراتيجية.
بدأت باتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان، الدولة النووية، ومعها إعادة صياغة الدفاع المشترك بين قطر والولايات المتحدة بعد الهجوم الإسرائيلي على العاصمة الدوحة.
وأخيرا جاء التدريب البحري التركي المصري المشترك لكي يغير أيضا في التوازنات السياسية في المنطقة.
كما إنه من المنتظر أن تشترك مصر والسعودية في تنظيم قيادة وتحالف بحري عسكري لتأمين مياه البحر الأحمر. وبالتالي، كل هذه الأحداث قد زادت من التوتر الإسرائيلي من كل هذه المتغيرات، التي جاءت في وقت تشدد فيه إسرائيل هجومها ضد أهالي غزة بالقتل والتدمير والتجويع، بهدف إجبارهم على الهجرة من غزة.
الأمر الذي أعلن فيه الرئيس السيسي ان التهجير خط أحمر. وعموما نحن سعداء بهذا التدريب البحري المشترك، لأنه سيكون بداية تعاون بين مصر وتركيا مستقبلا لصالح المنطقة في الوقت القريب.
ومن هنا نقول، بعيدًا عن أصدق قارب العسكري مع تركيا، فإننا نرجو أن تقوى العلاقات السياسية بين مصر وتركيا مثلما كانت من قبل، خصوصًا في عهد الرئيس التركي ترجت، وذلك ال وثل مان دعي ل، لأن مصر وتركيا أكبر قوتين سياسيتين وعسكريتين في المنطقة.