ذكرى افتتاح قناة السويس.. ملوك العالم يفتتحون مشروع القرن التاسع عشر

تحل اليوم ذكرى واحدة من أعظم اللحظات في التاريخ الحديث، ذكرى افتتاح قناة السويس في 17 نوفمبر 1869، ذلك الحدث الذي لم يكن مجرد افتتاح ممر ملاحي جديد، بل ميلاد شريان استراتيجي أعاد رسم خريطة التجارة العالمية وغيّر مسار الملاحة البحرية إلى الأبد.

منذ أن بدأ الحفر فى 25 أبريل 1859، رغم اعتراضات إنجلترا والباب العالي، كانت مصر تقود أضخم مشروع هندسي عرفه العصر الحديث. وعلى مدى عشر سنوات، جرى استخراج 74 مليون متر مكعب من الأتربة، وبلغت التكلفة نحو 433 مليون فرنك، حتى التقت مياه البحرين الأبيض والأحمر في 18 أغسطس 1869 ليولد طريق بحري سيصبح لاحقًا “نبض مصر” كما وصفه عالم الجغرافيا جمال حمدان.

حفل أسطوري قبل افتتاح قناة السويس

وجاء يوم الافتتاح ليشهد العالم لحظة استثنائية؛ ففي 17 نوفمبر 1869 أقيم حفل أسطوري دعا إليه الخديوي إسماعيل ستة آلاف ضيف من رموز السياسة والثقافة والملوك والأمراء. حضرت الإمبراطورة أوجيني، وإمبراطور النمسا، وملك المجر، وولي عهد بروسيا، وشقيق ملك هولندا، وممثل بريطانيا في الآستانة، كما شارك في الاحتفال الأمير عبد القادر الجزائري، والأمير توفيق ولي عهد مصر، والكاتب العالمي هنريك إبسن، ونوبار باشا، وآخرون.

وعبرت أول قافلة بحرية القناة يتقدمها اليخت الفرنسي “إيغل” الذي حمل كبار المدعوين، تليه سفن ملكية أوروبية ويخوت الأمراء والسفراء، فيما شاركت 77 سفينة في هذا اليوم التاريخي بينها 50 سفينة حربية. وأنفق الخديوي إسماعيل ما يقرب من مليون ونصف المليون جنيه لإقامة مهرجانات واحتفالات وصفت بأنها الأضخم في القرن التاسع عشر.

ومنذ ذلك التاريخ لم تكن القناة مجرد ممر مائي جديد، بل بداية عهد اقتصادي جديد؛ فقد أسهمت في تقليص زمن الرحلات البحرية بين الشرق والغرب، وسرّعت حركة التجارة الدولية، وجعلت مصر مركزًا محوريًا في شبكة الملاحة العالمية. ورغم ما مرت به القناة لاحقًا من تحديات كبرى مثل الإغلاق عقب حرب 1967 ثم إعادة افتتاحها عام 1975، بقيت دائمًا رمزًا للسيادة الوطنية والتنمية والاستقلال.

 

إقرأ أيضاً:قصور الثقافة تُواصل برنامج تعزيز الهوية والانتماء بقرية ريحانة في محافظة المنيا