مقالات وأراء

“د مصطفي جاد” يكتب: الجمهورية الجديدة.. “مصر واللوجستيات”

إن اهتمام الدولة بالأعمال اللوجستية لم يأتى من فراغ لما يمثل هذا المجال أهمية كبرى حيث كانت البداية بمشروع قناة السويس الجديدة والتى عندما تعطلت لأيام حدث شلل في التجارية الدولية وكان العالم في حالة ترقب كبيرة جداً ، ولم يقتصر الأمر هذا النحو حيث اتجهت الدولة إلى انشاء صواع تخزين الحبوب ووضع رصيد من الحبوب يكفي لشهور لضمان توافر السلع كما اتجهت إلى انشاء شبكات الطرق العالمية وفك أي اختناق مروري مما يشجع أي مستثمر للدوخل والاستثمار في مصر كما أنها مازال تعمل على تحسين خطوط القطارات المتهالك وتطوير العربات والجراجات وإنشاء قطار المونوريل والتوسع في خطوط المترو، وتدخلت الدوله كذلك في تخطيط المدن الصناعية وتطويرها واليوم تشهد مصر إفتتاح أكبر مدينة لصناعة الغذاء بمصر ( سايلو فودز) .
ولكن ماهو علم الإمدادات و التموين والأعمال اللوجستية .

لاحظنا أن Supply Chain كان بيتطور بشكلٍ متوازي مع تطور الجيوش ، وكان عصر النهضة الصناعية في القرن 18 هو بداية  لتطور مفاهيم وإستراتيجيات الحروب، وظهور عصر البنادق والمدفع والآلات البخارية
 
 في القرن 19 وبدايات القرن 20 ظهور الفكر العسكري وتطوير النظريات، زي كلوزفيتز في كتابه فن الحرب الي ركز على قوات العدو والموارد المتاحة لدية لإستخدامها في تقدير الموقف ، أما ليدل هارت صاحب نظرية  (الاقتراب غير المباشر) والي ركز فيها على القضاء النفسي على الخصم قبل القضاء عليه مادياً، والي كان بيقوم بتدمير خطوط مواصلاته ومحاور إمداده في العمق.
وفي سنه 1933 تسلم هتلر للحكم ، ركز على معدات الجيش ، ورغم أنه تركيزة على قطاع النقل إلا أن قطاع الصيانة مكنش يملك القدرات والمهارات المطلوبة لصيانة المدرعات والعربات
وبعد انتهاء الحرب العاليمة الثانية  وحصول الاستقرار السياسي والعسكري وبدأ سباق التسلح في كثير من الدول. وبدأ الجيوش في إعادة هيكلة وحداتها، وصياغة مذاهبها واستراتيجياتها العسكرية، بالشكل الذي يتناسب مع المتطلبات المستقبلية بعد الاستفادة من الحرب العالمية الاولى والتانية
وحظي  Supply Chain بجزء كبير من الإهتمام، فظهرت بوادر إمداد وتموين حديث ومنظم.
علم  Supply Chainفي الجيوش هو علم تخطيط وتنفيذ وحركة وصيانة القوات، ويشمل التخطيط، التطوير، الطلب، التخزين، الحركة، التوزيع، الصيانة، الإخلاء والانسحاب، التخلص من الممتلكات.
لكل شيء في الحياة مبدأ ينطلق منه ويرتكز عليه، ويعتبر المفكر والباحث (فوللر) أول من وضع مبادئ حرب واضحة المعالم استخدماتها القوات البريطانية سنه 1920م ، بعدها ظهرت مبادئ الحرب الرسمية الأمريكية، ثم وضع (فوش) مبادئ الحرب الفرنسية. وبقيت تلك المبادئ محل التجربة والتطبيق حتى الحرب العالمية الثانية ورغم أن هناك اختلافاً في المبادئ عند بعض الجيوش إلا أنها لا تتغير كثيراً من حيث المضمون، ومن وجهة نظر الكثير أن مبادئ الحرب عند الجيش الأمريكي التي طورها ورسخها (جونستون) هي الأكثر شمولية، وهي كالتالي:
الهدف، والهجوم، والحشد، والاقتصاد في القوى، والمناورة، ووحدة القيادة، والأمن، والمفاجأة، والمرونة، والروح المعنوية، والشؤون الإدارية، وحرية العمل، والمبادأة، وخفّة الحركة.
وفيما يخص الإمداد والتموين، فقد تمت صياغة مبادئه بشكل يتناسب مع مبادئ الحرب، فيجب أن تكون مبادئ Supply Chainتدعم كل مبدأ من مبادئ الحرب. لينعكس ذلك بأثر إيجابي على قدرات القوات.
..  ومبادئ Supply Chain هي:
·       التنبؤ Forecasting
·       التكامل integration
·   الاستجابة   Response
(سرعه صرف الكميات المناسبة في المكان والوقت المناسبين) 2R
·   البساطة (الإبتعاد عن التعقيد والتركيز على الفاعلية في التخطيط والتنفيذ لعمليات Supply Chainفي مسرح العمليات).
·   المرونة  Lean(القدرة على تكييف إجراءات وتعليمات Supply Chainللتوافق مع متغيرات الوضع الراهن والمهمة ومبادئ العمليات(
·   الكفاية Efficiency (القدرة على تزويد الحد الأدنى من المواد والخدمات الضرورية لعمليلات القتالية(
·   الدعم Support( الحفاظ على الدعم التمويني لكل المستفيدين في مسرح العمليات خلال فترة العمليات)
كانت الحروب الحديثة التي حدثت في النصف الأخير من القرن العشرين كحرب الخليج الثانية (1991م) والبلقان، و الحرب ضد طالبان في أفغانستان، وانتهاءً بالحرب ضد العراق، بمثابة الفرصة الحقيقية للجيوش الحديثة لتطبيق المبادئ والمفاهيم الجديدة على أرض الواقع، ففيها تشكلت كثير من مفاهيم الحرب الحديثة، ونظريات ومذاهب القتال المتطورة .
وفي حرب الخليج الثانية أكبر عملية على مر التاريخ، وقد وصفها الفريق أول خالد بن سلطان بن عبدالعزيز في كتابه (مقاتل من الصحراء) بقوله”..أما حرب الخليج فكانت جنة لرجال التكتيك من قوات التحالف، ولم تكن جحيماً على الإطلاق لرجال الإمداد والتموين، بل كانت أيضاً جنةً لهم فالإمدادات وفيره، والتموين سخي. فهي بالتأكيد، الحرب الأولى في التاريخ التي لم يفقد الجنود خلالها وجبة طعام واحدة!”
 وأطلق على حرب الخليج أيضا (حرب رجال الإمداد والتموين) ففيها طُبقت جميع أساليب ومهارات الإمداد والتموين، ومنها استنتجت الدروس والخبرات التموينية التي أعلنت ولادة مذاهب حديثة في علم الإمداد والتموين.
فروع الإمداد والتموين:
التموين
التموين هو جميع العمليات التي تشمل إدارة وتسلم GR ، وتخزين، وصرف جميع أصناف التموين المطلوبة للقوات GI.
وتختلف إدارة التموين في حالة السلم وفي المعسكرات عنها في مسارح العمليات. ففي المعسكرات تتم إدارة التموين بواسطة نظام المستودعات الثابتة، التي تُقسم إلى عدة أقسام ومستويات، حسب مستويات الإسناد وحجم القوة. فهناك مستودعات مركزية The main store ،
 ومستودعات فرعية ومستودعات طوارئ… وتُخزن المواد التموينية في المستودعات بأساليب علمية مدروسة، والمستودعات من الداخل مُقسمة إلى صفوف وكل صف مُقسم إلى أعمدة وكل عمود مُقسم إلى أرفف، وجميعها مُرقمه بأسلوبٍ يجعل الوصول إليها غايةً في السهولة.
ولتسهيل إدارة المواد التموينية ومراقبتها فقد قامت الجيوش بوضعها في أصناف مختلفة، حسب النوع والخصائص، وتختلف هذه الأصناف في عددها من جيش إلى آخر، فتجدها ستة أصناف عند البعض وعشرة أصناف عند الآخر، ولكن تصنيفها إلى عشرة أصناف هو الشائع عند اغلب الجيوش،وهي كالآتي:

الصنف الأول: الإعاشة. ويتم صرفها حسب حجم الوحدة البشري.

الصنف الثاني: الملابس، التجهيزات الفردية، العدد، المعدات الشخصية…الخ. ويتم صرفه حسب الحجم البشري أيضاً.

الصنف الثالث: الوقود (الوقود بأنواعه- الشحوم- الزيوت- الديزل) ويتم صرفه حسب معدلات الاستهلاك والمسافة ونوع المهمة والبيئة. وشوفنا دعم المملك فيصل لمصر بقطع تصدير البترول في حرب73 والي كان ليه اثر ايجابي في الحرب.

الصنف الرابع: المواد الإنشائية (أخشاب – حديد – سقالات) ويتم صرفه حسب أوامر خاصة.

الصنف الخامس: الذخيرة ويتم صرفه حسب نوع المهمة ونوع الأسلحة ومعدلات استهلاك محددة.

الصنف السادس: الاحتياجات الشخصية (صابون، معاجين أسنان..) يتم صرفه حسب الحجم البشري للوحدة.

الصنف السابع: المواد الرئيسية (دبابات، مدافع، عربات، مولدات) يتم صرفه حسب جداول الأنظمة والمعدات للوحدات أو حسب أوامر خاصة.

الصنف الثامن: المواد الطبية. يتم صرفها حسب نوع المهمة والبيئة وحجم القوات وتقديرات طبية أخرى.

الصنف التاسع: قطع الغيار ( عدا قطع غيار المواد الطبية) يتم صرفه حسب حمولات مُقررة من قطع الغيار وقوائم تخزين يتم إعدادها من قبل كل وحدة أو حسب المهمة والحالة.
أنواع النقل:
يتم اختيار نوع النقل بناءً على عدة اعتبارات منها على سبيل المثال، الوسيلة المناسبة للمهمة، الوسيلة الأقل كُلفة، الوسيلة الأقل استهلاكاً للوقود. من طيارات سفن غواصات دبابات مدرعات
 تختلف وسائل النقل باختلاف المهمة والبيئة كما أسلفنا. وحسب تشكيل أغلب الجيوش فإن كل كتيبة قتالية تحتوي على فصيل نقل، وكل لواء قتالي آلي يحوي سرية نقل.
ومن سمات Supply Chainفي القرن الجديد، الاتصال والمشاركة الفعالة بين القطاع العسكري، والقطاع الخاص، فقد حرصت الكثير من المؤسسات العسكرية على خلق اتصال مباشر وقوي بين قطاعاتها ومؤسسات القطاع الخاص،
·       نحط صورة ايرو مان
·       لا مش التعاون ده
والجدير بالذكر أن علم Supply Chainأصبح علماً أكاديمياً، وتقوم الكثير من الجامعات حالياً بمنح درجات علمية في علوم Supply Chainكالماجستير والدكتوراه، فعلم Supply Chainعلمٌ له ارتباط مباشر بعلومً إكاديمية اخرى، كعلم الاقتصاد، والإحصاء، والإدارة. والشواهد تُثبت أن الجيوش التي تفوقت في معاركها وأثبتت جدارتها هي التي أولت إدارة Supply Chainفي أجهزتها التموينية لقادة ذوي كفاءات علمية و تخطيطية عالية، بينما نشاهد العكس في الجيوش الأكثر تقدماً!

 

***

نجاح تويوتا

ولم ييقتصر الأمر على الجيوش أثناء الحروب فقط بل قامت شركة تويوتا اليابانية أكبر منتج للسيارات في العالم بتطبيق هذا الفكر داخل مصانعها وانشئت إدارة سلاسل الإمداد أو Supply Chain  والتي فيها تلك الوظائف ” التخطيط – المشتريات – الإنتاج -المخازن – النقل – اللوجستيات ” وأصبحت تويوتا هي التطبيق  الأفضل لإدارة سلاسل الإمداد ويتم تدريس النموذج الخاص بها في كثير من الكيانات الإقتصادية الناجحه من أجل الإرتقاء بجودة المنتج وتوصيله للمستهلك الأخير بشكل سريع، ويمكننا تعريف دور هذه الإدارة بأنها مسئولة عن التخطيط لخلق المصادر والموردين من خارج الشركة الذين سوف تعتمد عليّهم في جلب إحتياجاتها من خامات وتقوم المشتريات بشرائها طبقاً لمعايير الجودة المطلوبة أو التي حددها مسؤلوا التخطيط بشرط ألا تتخطي الميزانية التي تم وضعها لهم ثم تدخل هذه الخامات عملية الإنتاج ومن ثم إلي المخازن ويتم التخزين طبقاً لنظام الوارد أولاً يصرف أولاً وهي الأفضل وتقوم سيارات النقل بنقلها إلي المستهلك.
ومع تطور الصناعات وإعتماد الشركات الصناعية العالمية على سبيل المثال على تواجد خطوط إنتاج في أكثر من دولة حيث يتم تصنيع أجزاء السيارة في دول مثل كوريا واليابان ويتم تجميع السيارة في مصنع في دولة أخري أدي ذلك إلي إنتشار شركات اللوجستيات المسئولة عن عمليات الشحن والنقل براً وبحراً وجواً وتسريع وصول المكونات والخامات للمصانع وكذلك شحن السيارات مثلاً إلي باقي دول العالم ونزولها للأسواق ووصول هذه المنتجات إلي المستهلك وتتم هذه العمليات في كافة السلع على مستوي العالم مثل الأجهزة الكهربائية حيث يتم تصنيع مكوناتها في بلد وإختيار دولة مثلا في منطقة الشرق الأوسط لتقوم بالتجميع والنقل والشحن إلي باقي الدول في المنطقة.
 

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights