“عامر”: “ميرفت سلطان” نموذج للعطاء والوطنية

كتب: أحمد إبراهيم

شهد حفل تأبين المصرفية الراحلة ميرفت سلطان بالأمس حالة نادرة من الإحساس بالوفاء والإنتماء، ففي حضور أسرة المصرفية الراحلة وعدد كبير من أبرز القيادات المصرفية وبحضور السيد طارق عامر محافظ البنك المركزي، كانت سيرة هذه المصرفية والإنسانة حاضرة وكأن هناك فصلاً جديداً ونوعاً أخر من العمل ينتظر هذه السيدة والمصرفية النادرة.

ولقد أكدت كلمات كل من تحدث عن هذه المصرفية أن أخلاقها وسلوكها الإنساني الراقي كان مفتاح النجاح والسر الكبير لقدرتها علي العمل من خلال الفريق والمقدرة علي إقناع كل من حولها ودفعه لبزل الجهد والعرق من أجل تحقيق النجاح.

الإدارة بالحب

  لم يكن السلوك القويم والراقي هو وحده السر في نجاح المصرفية الراحلة ميرفت سلطان، بل أن هناك نوعاً ومنهجاً جديداً من الإدارة إبتكرته هذه السيدة، حيث قال الدكتور أحمد جلال نائب رئيس مجلس إدارة البنك المصري لتنمية الصادرات أنه علي علم بأغلب نظم الإدارة الحديثة، إلا أنه من خلال مسيرة خمس سنوات عمل مع المصرفية ميرفت سلطان شهد وتَعرف علي نوعاً جديداً من الإدارة هي الإدارة بالحب، والتي كانت لها تأثيراً كبيراً علي كل العاملين بالبنك الصغير قبل الكبير، فالكل يبزل المزيد والمزيد من الطاقة والجهد من أجل إسعادها وليس خوفا منها أو لكونها رئيسة له أو للبنك.

وأشار جلال أن ميرفت سلطان كانت تؤمن بالعلم والمعرفة فلقد ضاعفت ميزانية التدريب والتطوير للعاملين بالبنك لثلاثة أضعاف من أول يوم تولت فيه إدارة البنك وهو ما كان له تأثيراً إيجابياً علي العاملين بالبنك.

وختم جلال مؤكداً أن الإنسانة والمصرفية ميرفت سلطان لا يمكن أن تعوض وأنها وضعت الكثير من الأسس التي سوف يسير عليها البنك بل والجهاز المصرفي كله.   

حاضرة دائما

وقال رئيس إتحاد بنوك مصر الأستاذ محمد الإتربي رئيس مجلس إدارة بنك مصر، أنه تعاون مع المصرفية ميرفت سلطان من خلال عملهما معاً بإتحاد بنوك مصر، ولاحظ في هذه الفترة إيمانها وحبها العميق للعمل المصرفي، فلقد كانت فترة صعبة جداً شهدت الكثير من التغيرات المفاجأة كظهور فيروس كورونا وغيرها من الأحداث المفاجأة، إلا إنه بالرغم من كل ذلك شهد من هذه الإنسانه ثباتاً وثقة وقدرة علي العمل بأسلوب خاص هادئ جداً في الوصول لتحقيق الهدف لم يشهده من قبل.

وأشار الإتربي أن رحيل ميرفت سلطان السريع الهادئ كان رحيلاً مفاجئاً، سبب صدمة للكثيرين.

وختم الإتربي مؤكداً أن رحيل ميرفت سلطان هو رحيل مادي وليس معنوي فهي لازالت حاضرة بروحها وأسلوبها ومنهجها بالعمل، كما أن صورتها ستظل حاضرة في إبنتها إحدي المصرفيات بأحد البنوك المصرية. 

 وطنية نادرة

واسترجع محافظ البنك المركزي السيد طارق عامر، صدفة اللقاء الأول مع المصرفية ميرفت سلطان حيث كان التعارف الأول بدبي عندما كان يقيم ويعيش بلندن بعدما طلبت منه السلطات المصرية وقتها بعدم التواجد في مصر، وحدثت أزمة الوقود الشهيرة وأمتنعت كافة البنوك الأجنبية تحقيق إعتمادات الوقود لمصر والتي كانت بمبلغ 240 مليون دولار فقط، إلا أنه عندما ألتقي ميرفت سلطان وكانت وقتها تعمل في بنك  HSBC  طمأنته بأنها ستنهي هذا الأزمة وبالفعل تمكنت من ذلك وأخذت موقفاً مشدداً فإما تنفيذ الإعتماد وإما الإستقالة وهو ما تحقق بالفعل وإنتهت الأزمة.

وأكد عامر أن هذا الموقف الوطني والإنساني النبيل لم يكن هو الموقف الوحيد لسلطان فهناك العديد من المواقف الإنسانية والوطنية التي جمعته بها.

وأشار عامر إلي أننا جميعاً نمر بظروف قاسية، والوطن بحاجه لهذه النوعية من الكفاءات الإنسانية قبل المهنية، وهذا ما أٌؤكد عليه بالبنك المركزي عند إختيار القيادات فالسلوك القويم مؤهل للحصول علي الخبرة والكفاءة المهنية ومن ثم النجاح.

وألمح عامر أن نوعية ميرفت سلطان من القادة والمديرين قادرين علي تغير وجه الحياة بمصر كلها وليس بالقطاع أو الجهة التي يعملون بها، خصوصاً وأنها تمكنت من تحقيق طفرة في بنك تنمية الصادرات وصنعت جيلاً من المصرفين والقادة القادرين علي تحمل المسئولية والنجاح بمؤسساتهم وجهات عملهم.

وتقدم محافظ البنك المركزي بالشكر لسلطان، حيث قال أشكر ميرفت سلطان لأنها تركت لنا ثروة من الخبرات والشخصيات التي تتمتع بالأخلاق والكفاءة وهذا في حد ذاته صدقة جارية ستجزي عنها خير الجزاء.

مؤسسة سلطان الخيرية

وصرح طارق عامر أنه تم الإنتهاء من مؤسسة ميرفت سلطان الخيرية والتي خصص لها البنك المركزي مبلغ 50 مليون جنيه كبداية، لتكون أحد الأذرع الخيرية الكبري بمصر، تساعد في حل المشكلات المجتمعية التي لازالت تعاني منها البلاد.

 وختم عامر حديثه قائلاً أن ميرفت سلطان هي نموذج للعطاء والحب، وهذا كان منهجها في التعامل مع الزملاء والمجتمع والفقراء.