مجتمع مدني

“محمد محمود رفعت”: الفكر السلفي يناهض فكرة المواطنة

محمد محمود رفعت

رئيس حزب الوفاق

الاقتصاد الوطني يبني بالإنتاج  وليس بالخدمات

لدينا تجارب للاكتفاء الذاتي من القمح

 

حوار/ أحمد إبراهيم

يعد المحامي الحقوقي محمد محمود رفعت رئيس حزب الوفاق أحد أقطاب الفكر الاشتراكي، فلقد ولد ناصرياً وعاش ناصرياً ولم يتنازل يوماً عن الفكر الناصري، كما أن له أراه السياسية الخاصة جداً، إضافة لأنه أهم أحد المدافعين عن الحريات في مصر والوطن العربي ..

  • كيف كانت بداية حزب الوفاق القومي؟
  • بداية أعمل بالنشاط السياسي منذ أن كنت بالجامعة، وأنا شاركت في تأسيس ونشأة الحزب الناصري، ولكن فجأة تعامل معي رئيس الحزب الجديد ضياء الدين داود أنا والعديد من الناصرين كفريد عبد الكريم و مصطفي غزاوي ومحمد عقل وعادل رفعت ومحمد بطران بتعنت شديد ووصفنا وقتها رئيس الحزب الناصري بالناصرين المتطرفين ..!!، ذلك لتمسكنا بالرؤية الاشتراكية والاستقلال الوطني وغيرها من مبادئ ناصرية، حيث تم استبعادنا بكافة المراحل وحتي بالاحتفال بصدور الحكم بنشأة وتأسيس الحزب الناصري، فلم يكن أمامنا إلا أن نعمل كناصرين، فأنشأنا حزب الوفاق والذي يؤمن بعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني وسنظل دائما نؤمن بأن الأرض الفلسطينية للعرب وسنظل نرفض تأسيس دولة علي أساس ديني، وكذلك المطالبة والسعي لامتلاك سلاح ردع نووي خصوصاً في ظل وجود دولة تهديد مجاورة، ومصر لديها العقول التي تمكنها من صناعة هذا السلاح الهام.
  • ما تقيمك للوضع الحزبي الآن؟
  • الوضع الحزبي سيئ جداً، فمثلا لجنة الأحزاب هي المتحكمة في صدور جريدة الحزب، كما يمتنع إقامة أي نشاط خارج مقر الحزب إلا بموافقة الجهات الأمنية وهذا لا يحدث بأي دولة متطورة سياسياً، كما أن عملية السيولة التي حدثت بعد ثورة 25 يناير أثرت سلباً علي الحياة السياسية، والأحزاب يتحكم فيها إما السلطة وإما رجال الأعمال، ومنذ تولي الرئيس السيسي الحكم لم يجتمع مع أياً من الأحزاب، وكذلك الحكومات لم تناقش أي حزب بأيا من السياسات والبرامج والمبادرات التي تقدمها للناس، وهذا يصب في إتجاه تؤيده السلطة الهدف منه تهميش الأحزاب وتحويلها لكيانات كرتونية.
  • وما خطورة هذا التهميش؟
  • أي دولة لابد من أن يكون بها ظهير شعبي يدعم السلطة القائمة في البلاد، فمثلا عندما احتلت أميريكا العراق أول شئ قامت به تفكيك حزب البعث العراقي وتجريم العضوية به، وهذا أيضا ما حدث مع ليبيا حيث تم تفكيك اللجان الشعبية حتي لا يكون هناك مؤسسات تلتحم بالجماهير وتمارس الدور الشعبي، ونحن في مصر بحاجة لشكل وأحزاب سياسية تمارس حرية الحركة وتلتحم بالجماهير للصالح العام وليس لفئة حاكمة أو لصالح رجال أعمال.
  • برأيك ما الذي يهدد الدولة المصرية؟
  • الجماعات الإرهابية والإخوان المسلمين، هما الخطر الأكبر علي مصر، فمن يدمر الأوطان الآن، هم الجماعات الدينية التي تعتدي علي المواطنين العزل وتهدد حياتهم وتدمر مؤسسات البلاد وهذا ما يحدث في سوريا والعراق الآن، وهدف الصهيونية العالمية زرع الفتنة الطائفية بمصر وقتل المواطنة وهذا ما دفع المصريين بوعي للخروج يداً واحدة في 30 يونيو وهدم هذا المشروع الاستعماري والذي يهدف لتقسيم مصر والوطن العربي علي أساس طائفي وعرقي وديني.
  • هل حققت ثورة 30 يونيو أهدافها؟
  • لا، ولقد انتكست هذه الثورة، فإزاحة الإخوان المسلمين يستدعي أن تتحالف كل القوي الوطنية في حكم البلاد، وتحقيق استقلال وطني حقيقي لنكون دولة وطنية قوية تقوم علي تحالف قوي الشعب العامل، يكون الاهتمام بالإنتاج الزراعي والصناعي وبناء دولة للمستقبل هو الهدف، وليس بناء الكباري والعمارات ذات الأسعار الخرافية التي لا يستطيع أغلبنا إقتنائها، وكل هذا يحقق إقتصاد خدمي وليس إنتاجي، والإقتصاد الوطني يبني بالمصانع وليس بالخدمات، وهذه كانت نصيحة نيكسون للرئيس السادات سنة 1974 بعد نصر أكتوبر والتي كانت تهدف لتصفية الصناعة الوطنية والشركات المنتجة التي شاركت في صناعة نصر أكتوبر، ولماذا تبيع الدولة شركة كالمراجل البخارية التي كانت تنتج موتور الطائرة وصنعنا بسببها الطائرة القاهرة بالتزامن مع الهند التي تصنع القمر الصناعي الآن ، وكذلك كانت تنتج وتصنع الماء الثقيل اللازم لصناعة السلاح النووي، والآن نتجه لبيع شركات تدخل في صناعة مستلزمات الإنتاج الزراعي كأبوقير وطلخا للأسمدة واليوم نستودر كل شئ وحتي أغلب الغذاء يأتي من الخارج في بلد وصفها هيرودت بهبة النيل.
  • هل يمكن أن يعود القطاع العام ثانياً؟
  • نعم، وهناك العديد من الأحكام التي صدرت ببطلان بيع 17 شركة من شركات القطاع العام، وهذه الأحكام صدرت من مجلس الدولة والمحكمة الإدارية العليا، لكن لم ينفذ حكماً واحداً، فشركة المراجل البخارية وشركة حلوان للمحركات وشركة الغزل والنسيج بالمحلة لابد من أن تعود لحضن الدولة كي يكون إنتاجنا بأيدينا ونحقق الاكتفاء الذاتي في ظل ظروف دولية اقتصادية وغذائية وسياسية من أصعب ما يكون، وللعلم مصر لديها تجارب للإكتفاء الذاتي من القمح، مثل تجربة دكتور زينب الديب التي أنتجت سلالات قمح تنتج أضعاف أضعاف ما ينتجه الاردب حالياً وفي أراضي صحراوية ومالحة وأنتجت ما يقرب من 30 أردب للفدان الواحد، ولكن مشروع هذه التجربة أجهض، وتركت هذه الباحثة مصر وتعيش حالياً بفرنسا، فلصالح من ما يحدث الآن وفي ظل الظروف والاضطرابات القاسية التي نعيشها الآن، ونحن نحتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء وهذا ما تحقق بالعام 1969 في عز الحرب مع الكيان الصهيوني، كنا المنتج الأول للقطن طويل التيلة، وكنا نسبق العديد من الدول.
  • ما تقيمك للمبادرات الرئاسية المتنوعة؟
  • حقيقة المبادرات لا تبني دولاً، وعلينا أن نبني المصانع لتشغيل العاطلين والشباب، لتحقيق الإكتفاء الذاتي، ولزيادة الدخل القومي، وكذلك إحلال الواردات محل الصادرات لتوفير العملة الصعبة، خلق مجمعات صناعية تخلق مجتمعات حضارية كمجمع الألومنيوم، وبعائد وأرباح التصنيع والإنتاج يتم بناء الكباري وليس العكس.        
  • ألا يعد امتلاك إيران للسلاح النووي تهديداً العرب؟
  • لا، سيكون تهديداً للكيان الصهيوني، ومصر في عهد الرئيس ناصر تعاونت مع الأئمة الإيرانيين ووقعت معهم اتفاقية بالعام 1962 وقدمت لهم إذاعة باللهجة الفارسية وقدمت لهم معسكرات للتدرب بحلوان، كما شاركت المخابرات المصرية في تهريب الأمام الخميني من إيران، وهو ما نتج عنه الثورة الإيرانية علي يد جماعة الحرية التي دعمها وساندها ودربها ناصر، وهناك قوي خارجية تتدخل للوقيعة بين مصر وإيران وبين المسلمين السنة والشيعة.
  • ولكن إيران دعمت الإخوان المسلمين؟
  •   هذا لم يحدث، ولكن الإخوان هم من سعم لكسب الدولة الشيعية، ولقد قال لي حسين عبد اللهيان وزير الخارجية الإيراني الآن، أنه لأول مرة في التاريخ الإيراني يرفض المرشد الأعلي لقاء محمد مرسي وهو واقفاً علي باب مكتبة، بسبب ما كلمته في مؤتمر عدم الإنحياز، وموقف إيران من الإخوان في مصر هو نفسه موقفهم في سوريا، ولا خطر من إيران علي مصر فالمصري انتماءه الوطني أكبر وأعظم من انتماءه الديني، والإخوان المسلمين إنتهم الآن والخطر القائم حالياً هو خطر الجماعات الإرهابية المسلحة من المرتزقة التي تنتشر في ليبيا والعراق وسوريا وليبيا.
  • ما هي نقطة ضعف البناء السياسي المصري؟
  • حقيقة أتعجب كيف يكون بمصر حزب ديني ولمن للسلفين، الذين يوفرون غطاء ديني وفكري لكل جماعات العنف المسلح، والفكر السلفي خطر كبير علي الوطن فهو يناهض فكرة المواطنة، فهم نقطة ضعف كبري بالبناء السياسي المصري، وعلينا أن نرسخ سياسياً لفكرة الوطنية الجامعة التي يعمل الكل تحت شعارها.  
  • ما هي شروط تأسيس حياة حزبية ناجحة؟
  • أولا نحتاج أحزاب قائمة علي فكر وأجندة ساسية وليست دينية أو رأسمالية، وفتح المجال للأحزاب للعمل السياسي بالشارع والتواصل مع الناس، وكذلك التواصل مع الجهات الموجودة داخل الدولة لمواجهة التقصير والفساد، والأحزاب التي ظهرت أخيراً ستنهار لأن الأموال وحدها لا تبني مؤسسات سياسية، ونحن الأن بحاجة لفتح المجال الساسي لتداول الأفكار وللنقد البناء لطرح وجهات مختلفة وعدم الخوف مما يسمي بتكدير الأمن العام، والعقاب يكون لمن يستخدم العنف أو السلاح ضد الدولة والمواطنين.  
  • ما هو مستقبل حزب الوفاق؟
  • لدينا فكر ومشروع قائم، وأطالب بفتح المجال لنا بالعمل بالشارع ومع الجماهير، لنشر الأفكار التي يؤمن بها الحزب لنشارك في صنع حياة سياسية حقيقة.
زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights