ألعاب جماعية وفردية

“النجيل الصناعي” لممارسة كرة القدم في مصر

ملاعب النجيل الصناعي... ملاذ المناطق الشعبية لممارسة كرة القدم

 - سبوتنيك عربي, 1920, 17.05.2023

أصبحت ملاعب النجيل الصناعي ملاذا ومتنفسا للشباب في المناطق الشعبية بالعاصمة المصرية القاهرة، لممارسة هوايتهم، دون الحاجة للانتقال إلى مناطق بعيدة عن سكناهم، أو اللعب في الساحات العامة والشوارع وإزعاج الجيران.
في حي دار السلام، بجنوب القاهرة والذي يعد أحد أكبر التجمعات السكنية بالعاصمة المصرية يقع ملعب النجيل الصناعي “أبو ليلة”، والذي يجتذب الشباب وحتى كبار السن من عشاق الساحرة المستديرة من كل صوب وحدب بالحي الشعبي.
“هذا المشروع قمنا بتأسيسه كمتنفس للشباب بمنطقتنا الشعبية، دار السلام، وبه منطقة لعب للأطفال ونحاول تشييد حمام سباحة، وتزور الملعب أيضًا عائلات كثيرة كاملة”.
بهذه الكلمات بدأ أحمد الكأس مالك الملعب مضيفا: “بالطبع كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى في العالم وليس في مصر فقط، والشباب يحبون ممارستها جدًا”.
ملاعب أنقذت الشباب
وقال إن إقامة الملعب، دفعت الكثير من الشباب الذين كانوا يقضون جل وقت فراغهم جالسين على المقاهي إلى ممارسة “نشاط محترم”.
ومضى الكأس بقوله: “اليوم لدينا إمكانيات لممارسة كرة القدم، هناك ملاعب كثيرة منتشرة في الأحياء الشعبية، كما أن عقلية الأسر المصرية اختلفت كثيرا، فجميعهم على استعداد لرعاية أطفالهم رياضيًا ويحلمون بأن يكون لدينا محمد صلاح جديد”، في إشارة للاعب المنتخب المصري ونجم ليفربول الإنجليزي.
معاناة الماضي
ويشرح الكأس كيف كانت معاناة الشبان قبل ظهور ملاعب النجيل فيقول: “في الماضي كانت ممارسة كرة القدم أمرا صعبا، كنا نلعب في الحارات والشوارع ونتعرض لإصابات، كما أنني شخصيًا كنت أخفي ملابس الكرة والحذاء خارج مسكني وأهرب من أٍسرتي لألعب كرة القدم، أما الآن فالملاعب في كل مكان، وأكثر أمانا”.
ويقول عادل محمود، أحد الشبان المترددين على ملعب “أبو ليلة”: “الكرة قبل ملاعب النجيل الصناعي لم تكن متاحة للجميع، الملاعب كانت كثيرة، لكنها بعيدة جدًا عن الأحياء الشعبية، وأقربها في مصر القديمة والمعادي ومدينة نصر، أما الآن بعد توافر الملاعب في كل الأحياء الشعبية فالرياضة متاحة للجميع ولكل الأعمار”.
أما أحمد يحيي أحد رواد الملعب يقول إنه “بدلًا من اللعب في الشوارع وإزعاج السكان، أًصبح الجميع يختار اللعب بملاعب النجيل الصناعي التي أصبحت متوافرة في كل مكان، فالجميع الآن يحجز هذه الملعب لمرتين أو ثلاث مرات أسبوعيًا”.
وحول أسباب تردده على الملعب يقول يحيي:
“نمارس كرة القدم ليس فقط لأنا نحبها، الحقيقة أن معظم الشباب وأنا منهم يتعرضون لضغوط الحياة طوال الأسبوع، ولعب كرة القدم بعد الحجز في هذه الملاعب بمثابة الحل الوحيد لهموم طوال أسبوع طويل وشاق”.
أما مصطفى خالد فيقول إنه يتردد على ملعب “أبو ليلة” لأنه بجوار منزله، ويمكنه أن يمارس الرياضة بشكل أكثر أمانا، ويجنبه خطر الإصابات.
ويضيف خالد: “لا يكمن الخطر في الإصابات فقط، فلعب كرة القدم في هذه الملاعب يمنع الشباب من ممارسة عادات سيئة وخطرة على مستقبلهم، فمثلا لعب الكرة يبعدهم عن إدمان المخدرات والتدخين”.
كلفة زهيدة
ولا يتعدى إيجار الملعب في المناطق الشعبية بالقاهرة الـ 200 جنيه (حوالي 6.5 دولارات) في الساعة، بحسب عادل محمود، الذي قال “الملاعب أصبحت متاحة، والشباب يستغلونها للتخلص من الطاقة السلبية لديهم”.
ويتقاسم كل فرد من الفريقين المتنافسين، كلفة إيجار الملعب وهو ما يعني دفع كل لاعب مبلغا رمزيا جدا مقابل لعب كرة القدم بشكل آمن، ولا يتعدى نصيب ما يدفعه كل لاعب 10 جنيهات كحد أقصى، بحسب زياد ياسر أحد رواد الملعب.
مميزات ملاعب النجيل الصناعي
ميزة أخرى لملاعب النجيل التي انتشرت خلال السنوات الأخيرة في عموم مصر بشكل كبير، يلاحظها زياد ياسر، والذي تحدث قائلا “المناطق الشعبية تعج بمواهب ونجوم كرة القدم، لكن غياب ملاعب النجيل الصناعي كان يحرمهم من الظهور أو الانضمام لنادي أو حتى ممارسة اللعبة بشكل صحيح وآمن”.
ويشهد ملعب “أبو ليلة” تدفق اللاعبين من مختلف الأعمار، إذ يقول “الكأس” إن عمره تعدى الخمسين عاما، ولا زال هو والعديد من الأصدقاء بعضهم يكبره سنا يمارسون هوايتهم القديمة في ملعب النجيل، بينما يقول “عادل محمود”: “أنا الآن في السابعة والثلاثين من عمري، لكني مازلت أمارس كرة القدم كما لو كنت في العشرين، وكثيرون يمارسون كرة القدم في المناطق الشعبية الآن رغم تعديهم لخمسون عامًا من العمر، وذلك لتوافر الملاعب”.
لماذا يفضلون النجيل الصناعي
وانتشرت ملاعب النجيل الصناعي بشكل كبير في مصر خلال السنوات الأخيرة، وتتميز بقدرتها على استيعاب الصدمات وتمنع الإصابات بين اللاعبين.
ويتم تصنيع النجيل الصناعي من مادة البولي بروبلين او البولي ايثيلين وغيرها من المواد الأخرى، بالشكل الذي يجعله أكثر آمانًا وسلامًا على اللاعبين ويتميز بالقوة و الصلابة و تحمل الظروف المناخية، كما يمنح الملعب شكلا جماليا ويمنع الصدمات والاصابات للاعبين .
كذلك يتم حشور النجيل الصناعي بمادة الرابر (المطاط)، وهي مواد بلاستيكية تحمي النجيل من درجة الحرارة وتجنب اللاعبين الإصابات.
بدأ أول ظهور النجيل الصناعي في ستينيات القرن وكان ملعب أسترودوم فى هيوستن بالولايات المتحدة الأمريكية أول ملعب يستخدم العشب الصناعى، ولاحقا تم الاعتماد على على هذا الاختراع في الملاعب والأندية، انطلاقا من أن النجيل الصناعى لا يحتاج إلى الرى والعناية به مثل العشب الطبيعي.
انتشار مهدد
ولا توجد إحصاءات رسمية لعدد ملاعب النجيل الصناعي في مصر، لكن مع انتشارها بشكل كبير، اعتبرت السلطات بعضها مخالفا، نظرا لإقامتها على الأراضي الزراعية في الريف المصري.
وقبل سنوات، كشفت وزارة الزراعة المصرية أن عدد الملاعب المخالفة بلغ 2496 ملعبا مقامة على مساحة إجماليها 765 فدانا من الأراضي الزراعية.
ووقتها، قال حامد عبدالدايم، المتحدث باسم وزارة الزراعة في تصريحات إعلامية: “ملاعب كرة القدم الخماسية بالقرى تمثل صورة مختلفة من التعدي على الأراضي الزراعية”، مشددا على أن القانون “لم يستثن ملاعب كرة القدم من الإزالة واعتبرها مثل باقي المباني”.
زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights