تقنية جديدة تتنبأ بموعد الوفاة

طوّر باحثون في الدنمارك خوارزميات للتعلم الآلي للتنبؤ بدقة بجوانب معينة من حياة الإنسان، بما في ذلك التنبؤ بالوفاة، وأوضحت دراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة “Nature Computational Science” كيف تنبأ نموذج خوارزمية للتعلم الآلي يسمى “life2vec” بنتائج حياة الشخص وأفعاله عند تقديم بيانات محددة للغاية عنه.

خوارزمية life2vec

ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة والأستاذ في الجامعة التقنية في الدنمارك، سوني ليمان: «بهذه البيانات، يمكننا إجراء أي نوع من التنبؤ»، إذ استخدم الباحثون بيانات من سجل وطني في الدنمارك يعرض تفاصيل مجموعة متنوعة من 6 ملايين شخص، وتضمنت معلومات من عام 2008 إلى 2016 تتعلق بالجوانب الرئيسية للحياة مثل التعليم والصحة والدخل والمهنة.

وجرى تكييف الباحثون تقنيات معالجة اللغة وإنشاء مفردات لأحداث الحياة حتى تتمكن “life2vec” من تفسير الجمل بناءً على البيانات، حتى تمكنت تلك الخوارزمية من تقديم تنبؤات حول جوانب معينة من حياة الناس، بما في ذلك كيف يمكن أن يفكروا ويشعروا ويتصرفوا، وحتى ما إذا كان الشخص قد يموت في السنوات القليلة المقبلة.

التنبؤ بالوفاة

وللتنبؤ بالوقت المبكر الذي قد يموت فيه شخص ما، استخدم الفريق بيانات من 1 يناير 2008 إلى 31 ديسمبر 2015 على مجموعة مكونة من أكثر من 2.3 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 35 و65 عامًا، قال مؤلف الدراسة إنه تم اختيار هذه المجموعة لأن التنبؤ بالوفيات في هذه الفئة العمرية أكثر صعوبة.

واستخدمت الخوارزمية البيانات لاستنتاج احتمالية بقاء الشخص على قيد الحياة لمدة 4 سنوات بعد عام 2016، وللتحقق من مدى جودة الخوارزمية، تم اختيار مجموعة مكونة من 100 ألف فرد، نصفهم ينجو ونصفهم الآخر يموت. وعرف الباحثون الأشخاص الذين ماتوا بعد عام 2016، لكن الخوارزمية لم تفعل ذلك. وجعلوا الخوارزمية تجري تنبؤات فردية حول ما إذا كان شخص ما قد عاش بعد عام 2016 أم لا، وكانت النتائج مثيرة للإعجاب، حيث كانت صحيحة بنسبة 78٪ من الوقت.

ووجد الباحثون أن الأشخاص الذكور كانوا أكثر عرضة للوفاة بعد عام 2016، وأن الأشخاص الذين وصفوا بأنهم عمال أو موظفون ماهرون، مثل المهندس أو تشخيص مشكلة في الصحة العقلية مثل الاكتئاب أو القلق يؤدي أيضًا إلى الوفاة المبكرة، وفي الوقت نفسه، فإن تولي منصب إداري أو الحصول على دخل مرتفع غالبًا ما يدفع الناس نحو عمود البقاء على قيد الحياة.

وكان للبحث عدة قيود، حيث يشير التقرير إلى أن التجارب لم تكن عشوائية، وأن الباحثين لم يتعمدوا التخصيص أثناء التجارب وتقييم النتائج، لكنهم نظروا فقط إلى البيانات خلال فترة ثماني سنوات، وقد يكون هناك تحيزات اجتماعية ديموغرافية في العينة على الرغم من أن كل شخص في الدنمارك يظهر في السجل الوطني.

وأشار الباحثون أيضًا إلى أن الدراسة أجريت في دولة غنية تتمتع ببنية تحتية قوية ونظام رعاية صحية قوي، لكن من غير الواضح ما إذا كان من الممكن تطبيق نتائج life2vec في بلدان أخرى مثل الولايات المتحدة، نظرا للاختلاف الاقتصادي والاجتماعي.

لا يتنبأ بالعمر

ويقول الدكتور آرثر كابلان، رئيس قسم الأخلاقيات الطبية في كلية غروسمان للطب بجامعة نيويورك، إن شركات التأمين ستكون حريصة على التفوق على المستهلكين عندما تصبح نماذج مثل “life2vec” أكثر تجارية، مضيفا أن “هذا سيجعل الأمر أكثر صعوبة في بيع التأمين، لأنه لا يمكن إجراء تأمين ضد المخاطر إذا كان الجميع يعرف بالضبط ما هي المخاطر”.

ويوضح أن موقع “life2vec” لا يتنبأ بالعمر الذي سيموت فيه الشخص أو كيف، فلا تستطيع الخوارزمية التنبؤ بما إذا كان الشخص سيُقتل في حادث سيارة، مشيرا إلى أنها قد تظهر نماذج تنبؤ أكثر تقدمًا في أقل من 5 سنوات.

ويضيف: “استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالوقت الذي قد نموت فيه يزيل الجانب الوحيد من حياتنا الذي يبقيها مثيرة للاهتمام: الغموض. ونحن قلقون من سيطرة الروبوتات على العالم. وما يجب أن نقلق بشأنه هو أن الروبوتات تتلاعب بالمعلومات وتكون قادرة على التنبؤ بالكثير عن سلوكنا بحيث ينتهي بنا الأمر إلى الحصول على حياة يمكن التنبؤ بها إلى درجة أنها تحرمنا من بعض القيمة من العيش”.