التجارة والصناعة

بطاريات الحالة الصلبة تغيّر صناعة السيارات الكهربائية

الخطوة التالية تكمن في إتقان عمليات التصنيع وتوسيع الإنتاج.

الباحثون وكبار مصنعي السيارات وبطاريات السيارات الكهربائية يترقبون الاختراق التكنولوجي التالي “الكأس المقدس” الذي يتيح صنع بطاريات الحالة الصلبة ومن صفاتها الأمان والمتانة والحفاظ على البيئة وإعادة شحنها في دقائق.

لندن- المعلومات حول اختراق تكنولوجي لصنع بطاريات صلبة متضاربة. تسفيتانا باراسكوفا تابعت التطورات وأكدت أن الشركات التي تعمل في هذا المجال اقتربت من طرح كميات تجارية من الأسواق.

وتقول الخبيرة في شئون الطاقة التي تكتب لمنصة “أويل برايس” الأميركية إن أكثر من جهة ادعت أنها تمكنت من تحقيق اختراق تكنولوجي خلال الأشهر الأخيرة. ويخطط البعض من أكبر شركات تصنيع السيارات في العالم على صياغة خطط لإطلاق الإنتاج بكميات ضخمة لبطاريات الحالة الصلبة بحلول نهاية العقد.

وشهدت رحلة إعادة البحث عن البطاريات الصلبة، التي يعتبرها بعض العلماء “الكأس المقدسة” للبطاريات، العديد من الإعلانات خلال الأشهر الأخيرة. لكن المرحلة التالية من تنفيذ التكنولوجيا تبدو أصعب في الوقت الحالي. ولم يقل أحد حتى الآن إنه وجد سر توسيع نطاق تصنيع بطاريات الحالة الصلبة لاعتمادها في السيارات الكهربائية وإثبات أن البطارية فائقة القوة يمكن أن تعمل خارج المختبرات.

ومعلوم أن هذا النوع من البطاريات يستخدم “إلكتروليتا” صلبا. وهي تختلف بهذا عن بطاريات الليثيوم أيون السائدة التي تعتمد الكتروليتا سائلا مع أملاح الليثيوم. وتوفر البطارية الصلبة كثافة طاقة أعلى بكثير، فهي تخزن المزيد من الطاقة حسب الحجم أو الوزن.

لكن الإنتاج الواسع لهذه البطاريات يواجه عقبات. ويكمن أحد أكبر التحديات التي شهدتها مرحلة التصميم في كيفية منع تكوين التشعبات أو “الشعيرات المعدنية” التي تتشكل على أقطاب البطارية أثناء الشحن. ويمكن أن تشكل هذه التشعبات المتفرعة دائرة كهربائية قصيرة وتقلل من سلامة بطارية الحالة الصلبة وعمرها.

ويقول باحثون من كلية هارفارد جون إيه بولسون للهندسة والعلوم التطبيقية إنهم تغلبوا على مشكلة التشعبات في البطاريات الصلبة، وأكدوا تطوير بطارية ليثيوم معدنية جديدة يمكن شحنها وتفريغها 6 آلاف مرة على الأقل (أكثر من أي خلية بطارية أخرى). وأكدوا أن عملية إعادة شحنها تستغرق دقائق.

وفي بحث جديد نشر في دورية نيتشر ماتيريالز العلمية خلال شهر يناير، تمكن فريق بقيادة شين لي، الأستاذ المساعد في علوم المواد في كلية هارفارد جون إيه بولسون للهندسة والعلوم التطبيقية والمؤلف الرئيسي للورقة البحثية، من منع تشكل الشعيرات المعدنية. واعتمد الباحثون جزيئات السيلكون بحجم ماكرون لتضييق التفاعل وتسهيل الوضع المتجانس لطبقة سميكة من معدن الليثيوم.

ويبقى التفاعل مقيدا على السطح حين تتحرك أيونات الليثيوم أثناء الشحن في التصميم الجديد، وتلتصق بسطح جسيم السيلكون ولكنها لا تخترقه.

وكتب شين لي “يُلف معدن الليثيوم حول جسيم السيلكون في تصميمنا، ويصبح مثل قشرة شوكولاتة صلبة حول قلب البندق في قطعة الحلوى”.

وأشار العالم إلى أن “هذه البطاريات تعتبر “الكأس المقدسة” لأنها تتمتع بعشرة أضعاف سعة أقطاب الغرافيت التجارية ويمكن أن تضاعف مسافة قيادة السيارات الكهربائية”.

ومؤخرا نجح الباحثون في بناء نسخة من البطارية بحجم طابع بريدي. وأكدوا أنها تحتفظ بنسبة 80 في المئة من سعتها بعد 6 آلاف دورة، مما يجعلها متفوقة على البطاريات الأخرى المطروحة بالأسواق.

وفي بحث منفصل، صنّع العلماء في جامعة ليفربول في المملكة المتحدة مادة صلبة توصل أيونات الليثيوم بسرعة واعتمدوها في خلية بطارية. ونشروا ورقتهم في مجلة “ساينس”، قائلين إن المادة الجديدة التي تتكون من عناصر غير سامة وفيرة من الأرض تتمتع بتوصيل عال لأيونات الليثيوم بما يكفي لتعويض الشوارد السائلة في تكنولوجيا البطاريات المعتمدة اليوم، مما يحسن السلامة وقدرة الطاقة.

وأشارت فولكس فاغن إلى أن الخطوة التالية على طريق الإنتاج المتسلسل تكمن في إتقان عمليات التصنيع وتوسيع نطاقها.

تتميّز بطاريات الحالة الصلبة بالعديد من المزايا، أبرزها:

• تمتعها بكثافة طاقة أعلى مقارنة بالليثيوم، وبفضل الكثافة العالية فإنها تكون قادرة على استيعاب ما يصل إلى 3 أمثال سعة بطاريات الليثيوم أيون، وهو ما يعني توافر بطاريات بأحجام أصغر ذات إمكانات أعلى وطويلة المدى. ما يسمح للسيارات الكهربائية بقطع مسافات تصل إلى 600 ميل.

• في الوقت الراهن، تحتاج بطاريات السيارات الكهربائية إلى وقت طويل للشحن الكامل، ومع اعتماد بطاريات الحالة الصلبة، فإن هذا الوقت قد يتقلص بصورة كبيرة، لأنه من الممكن شحنها في أقل من 10 دقائق، مثل التوقف عند مضخة البنزين.

• يُعدّ عامل الوزن -أيضًا- من أبرز ما يميز بطاريات الحالة الصلبة، فهي ذات وزن أقل بصورة كبيرة مقارنة ببطاريات الليثيوم أيون، وهو ما يمثّل عنصرًا إيجابيًا لكفاءة الطاقة والتكلفة. ويساعد ذلك على صناعة سيارات كهربائية أخف وزنًا. وبصفة عامة، تُسهم البطاريات الأخف وزنًا بصورة إيجابية في أداء السيارة وكفاءة البطارية وقوة المحرك، وفي المقابل يتطلب إنتاج بطاريات الليثيوم أيون عددًا أكبر من الخلايا لتقديم طاقة أكبر، ما يجعلها ذات وزن أثقل.

• من عيوب بطاريات الليثيوم أنها عرضة للسخونة والاشتعال والانفجار، ولكن في المقابل تبرز بطاريات الحالة الصلبة بصفتها بديلًا أكثر استقرارًا نتيجة مكوناتها غير القابلة للاشتعال. وتضمن مكونات بطاريات الحالة الصلبة العمل في درجات حرارة أعلى بكثير مقارنة ببطاريات الليثيوم، ما يقلل من مخاطر الاحتراق، خاصة أنها مقاومة للضغط العالي.

• تتميّز بطاريات الحالة الصلبة بمكونات مقاومة للصدمات، وهو ما أرجعه التقرير إلى أن بطاريات الحالة الصلبة تحتوي على مكونات أقل تجعلها أكثر إحكامًا من بطاريات الليثيوم، لتكون أقل عرضة للتلف في حالة وقوع حادث.

• المواد التي تتكون منها هذه البطاريات لا تستهلك طاقة كبيرة لتصنيعها مقارنة ببطاريات الليثيوم.

البطارية الصلبة توفر كثافة طاقة أعلى بكثير، فهي تخزن المزيد من الطاقة حسب الحجم أو الوزن

• تُصنّف بطاريات الحالة الصلبة بأنها صديقة للبيئة بصورة أكبر من بطاريات الليثيوم أيون، إذ لا تحتاج عملية إنتاجها إلى معادن أرضية نادرة مثل الكوبالت أو النيكل.

ويعمل العمر التشغيلي الأطول على تقليل العبء الملقى على الصناعة بشأن إعادة التدوير مواد البطارية أو التخلص منها، بالإضافة إلى أنه يقلل من الغازات الخطرة المنبعثة من البطاريات المستهلكة والمتروكة في مكبات النفايات.

ورغم ذلك، يمكن ربط السعر المرتفع لبطاريات الحالة الصلبة في الوقت الحالي بتكلفة إصلاح عدة عيوب بها مثل التشعبات التي تتراكم في البطارية في أثناء الشحن والتي تؤثر في أدائها.

وتُعدّ هذه المشكلة أحد الأسباب التي أخّرت ظهور تكنولوجيا بطاريات الحالة الصلبة، ويقول مصنعو السيارات إنه حال التخلّص من هذه العقبة، فإن المواد اللازمة للإنتاج ستكون رخيصة بما يكفي للتأثير في سعر السيارات الكهربائية.

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights