ويرى بن مبروك أن معسكر الغرب ممثلا في الولايات المتحدة و
الاتحاد الأوروبي يخشى من التمركز الروسي الصيني، وهو ما دفع أمريكا من ناحية إلى تقديم مساعدات لتونس، وأوروبا من ناحية أخرى إلى التصريح بأنها ستدعم تونس وستعمل على مساعدتها من أجل تجنب الأزمة المالية، على لسان وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني.
ويرى بن مبروك أن أمريكا تقود معركة جيوستراتيجية، فهي تبحث من خلال هذه المساعدات عن توسيع تحالفاتها وإثبات وصايتها على بعض الدول في إطار حربها الباردة مع روسيا، وفي إطار سعيها إلى الحفاظ على تموقعها في شمال أفريقيا.
وقال بن مبروك:”صحيح أن مصلحة تونس تقتضي المحافظة على علاقاتها التقليدية ولكن بتحفظ، لأن تونس لا يمكن أن تبقى رهينة إملاءات الغرب، وهي تسعى إلى الانفتاح على أسواق جديدة وتحالفات جديدة مستغلة موقعها الاستراتيجي الذي يسمح لها بأن تكون بوابة لأفريقيا”.
رد مباشر على المساعدات الروسية
بدوره، يرى المحلل السياسي، بالحسن اليحياوي، في تصريح لـ “سبوتنيك”، أن المبادرة الأمريكية لم تكن حبا في تونس، وإنما هي رد مباشر على وعد قطعته روسيا بإعطاء القمح للبلدان التي تضررت من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وتابع: “الخطوة الأمريكية تندرج في إطار سعي واشنطن إلى جمع أكبر عدد ممكن من الحلفاء خاصة من دول الجنوب التي لها فيها مصالح اقتصادية وعسكرية، من بينها تونس”.
وأوضح: “لقد أصبحت تونس مطالبة بإيجاد التفاف من الشركاء الدوليين لدعم ملفها مع صندوق النقد الدولي، وهي ورقة سبق وأن لوّحت بها الولايات المتحدة على أساس أنها يمكن أن تكون عاملا مساعدا أو معطلا لوصول تونس إلى اتفاق مع الصندوق”.
ويضيف اليحياوي: “موقف واشنطن سيكون رهينا بكيفية تعامل السلطات التونسية مع مصالحها الرئيسية التي كانت مضمونة مع الحكومات التونسية السابقة، التي وقعت معها اتفاقية تقضي بإنشاء قاعدة عسكرية في الجنوب التونسي وكذلك الاتفاقية التي جعلت من تونس حليفا أساسيا خارج حلف شمال الأطلسي “الناتو”. وهي اتفاقيات مبنية على استراتيجية كاملة في المنطقة، خاصة في حوض البحر المتوسط والعمق الأفريقي”.
وبين اليحياوي أن النظام السياسي الحالي الذي يقوده الرئيس التونسي قيس سعيد، وعودة المؤسسة البرلمانية إلى العمل يهددان ديمومة هذه الاتفاقيات والمصالح الأمريكية، مشيرا إلى أن كل ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية اليوم هو نوع من “الغزل”.
ولفت إلى أن المسألة لا تتعلق بتونس فقط، وإنما بكل التكتلات الموجودة في العالم، على اعتبار أن شحنات القمح لم تزود بها تونس فقط بل وزعت تقريبا على كل الدول التي تستورد هذه المادة من أوكرانيا وروسيا، وهي تهدف بهذه الخطوة إلى الضغط على روسيا في علاقة بشحنات القمح التي طالبت موسكو بأن تتعاون مع الاتحاد الأوروبي لتصديرها إلى بلدان الجنوب.