مقالات وأراء

د”ريهام مصطفي” تكتب: 100 عام .. مصر والمنطقة وقضية القضايا ..

لن يتم حماية الأراضى العربية إلا بإقامة قواعد عسكرية مصرية ..

– ثورة يوليو صاغت مفهوم الوطن العربي ..

– قدرة المصريين على التخطيط والإدارة والتنفيذ مكن من إنجاز نصر أكتوبر 1973 ..

– ثورة 30 يونيو مكنت مصر من بناء قدراتها الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية ..

حرب غزة حرب وجود والمعركة الأخيرة لسلسلة من المعارك بدأت منذ قرن ..  

.. قرب انتهاء الحرب العالمية الأولي، بدأ الصراع العربى الإسرائيلي، وتحديدا منذ وعد بلفور نوفمبر1917،الذى زرع المحتل فى منطقتنا العربية.

وأسس لوجود الإحتلال على الأراضى الفلسطينية، لزعزعة استقرار المنطقة وتفكيكها، ومن ثم السيطرة عليها.

فالأراضى الفلسطينية هى البداية ولكنها ليست النهاية. منذ هذا الحين؛ ارتبطت مصر إرتباطا وثيقا بالقضية الفلسطينية واعتبرتها «قضية القضايا»، نظراً لروابط الدم والتاريخ والجغرافيا، بالإضافة إلى ارتباطها الوثيق بالأمن القومى المصرى والأمن القومى العربى ككل. وكانت مصر طرفاً أساسياً فى الأحداث.

فسعت مصر إلى توحيد الموقف العربى من خلال جامعة الدول العربية. حيث اجتمع ملوك ورؤساء وممثلو 7 دول عربية فى « أنشاص» عام 1946، و قرروا التمسك بحق الفلسطينيين فى تقرير المصير. إلا أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وفى 1948، كان إعلان انتهاء الإنتداب البريطانى على فلسطين، مع استخدام العنف فى التهجير القسرى للفلسطينيين من قراهم ومدنهم، والإستيلاء على أراضيهم التاريخية، والإعلان الأحادى لدولة الإحتلال.

أدى ذلك إلى خوض الدول العربية وعلى رأسها مصر حرب 1948 لطرد المحتل من الأراضى الفلسطينية، ولكنها افتقرت لعوامل النجاح فسيطر المحتل على المزيد من الأراضى الفلسطينية.

كان هذا محركاً أساسيا لقيام ثورة 23 يوليو 1952 التى أنهت الإحتلال الإنجليزى لمصر، والذى استمر نحو 74 عامًا منذ عام 1882.

حيث تم جلاء القوات البريطانية عن مصر فى 18 يونيو 1956، بعد اتفاقية الجلاء التى تم توقيعها فى 19 أكتوبر 1954.

ثم فى 26 يوليو 1956 تم تأميم قناة السويس. مما يمثل انتصارًا للإرادة الوطنية المصرية واستعادة السيادة الكاملة للدولة المصرية على أراضيها ومواردها،

بما فى ذلك قناة السويس هذا الممر المائى الحيوى البالغ الأهمية. فمنذ يوليو 1952، أصبحت مصر للمصريين ..

إقرأ أيضــــاً .. د ريهام مصطفي: السيسي يملك رؤية ومشروع تنموي متكامل ..

بدأت يوليو مرحلة جديدة من تاريخ مصر.

ترتكز على أن مصر جزء لا يتجزأ من محيطها الإقليمي.

ارتبطت نهضة مصر بقيادتها مشروعا عربيا إفريقيا متكاملا.

فكانت يوليو انطلاقة لتحولات كبرى فى العالم العربى وإفريقيا؛ صاغت يوليو مفهوم الوطن العربي، وامتد تأثيرها لدعم القارة السمراء ضد الاستعمار،

كما رسخت لمكانة مصر كعاصمة للقرار العربى والإفريقى المستقل. بل وامتداد تأثير يوليو ليشمل حقوق الدول النامية حول العالم فى استقلالها حتى أمريكا اللاتينية.

كما كانت الوحدة بين مصر وسوريا فى 1958، فكادت تقضى على أحلام المحتل فى المنطقة.

إلا أنه تم استهداف مصر ومشروعها العربى الإفريقي؛ بسلسلة من الحروب بدأت بالعدوان الثلاثى فى 1956، ثم استدراجها لحرب اليمن 1962، ثم حرب1967 لإنهاك قدراتها ولإجهاض هذا المشروع الكبير الذى تقوده، وهذه التعبئة التى قادتها للأمتين العربية والإفريقية، لوحدة الهدف ووحدة المصير لهذه الشعوب وفى القلب منها القضية الفلسطينية.

أدت هذه الحروب المتتالية إلى احتلال المزيد من الأراضى العربية فى سوريا وفلسطين، كما فقدت مصر سيناء فى هذا الوقت.

لكن مصر فى أكتوبر 1973 كانت قادرة على استرداد كرامتها وكبريائها ومن ثم استرداد أرض سيناء كاملةً بالرغم من التفاوت الكبير فى القدرات العسكرية والاقتصادية آن ذاك، فقدرة المصريين على التخطيط والإدارة والتنفيذ والتغلب على الصعاب مكن المصريين من إنجاز هذا العمل البطولي.

ثم أبرمت مصر معاهدة السلام كما حاولت استرداد جزء من الأراضى الفلسطينية التى تمت السيطرة عليها فى 1967، إلا أن الظروف لم تسمح آن ذاك.

فـى 2011، تم استهداف المنطقة، وبالقلب منها مصر، لكن هذه المرة بسلسلة من الثورات، أطلق عليها «الربيع العربي».

فتوالى سقوط العديد من دولها الواحدة تلو الأخري. ولا تزال شعوبها تعانى تبعات الفوضى والحروب الأهلية . أدى ذلك إلى المزيد من التشرذم العربي، والذى بدأ منذ سقوط العراق فى 2003.

لكن قدرات المصريين مكنتهم من تحقيق معجزة أخرى فى 30 يونيو2013 التى أعادت مصر للمصريين بعد اختطافها والسيطرة عليها من قبل الجماعات الظلامية.

فكانت مصر هى الدولة الوحيدة الناجية فى المنطقة من مخطط الفوضى الذى تنفذه هذه المرة التنظيمات الإرهابية. بل وتمكنت مصر من بناء قدراتها الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية حتى أصبحت قوة مؤثرة فى محيطها الإقليمى من جديد، بل و قوة مؤثرة عالميا بعلاقاتها المتوازنة بالقوى الدولية الفاعلة.

مما مكنها من مد يد العون والمساعدة من جديد للأشقاء، حيث قامت باستضافة أكثر من 10 ملايين عربى من الفارين من ويلات الحروب. وبدأت فى رسم مستقبل جديد لشعوب المنطقة و المحافظة على أراضيها وثرواتها؛ كمشروع الشام الجديد، ورؤية إفريقيا 2063.

إلا أنه فى 7 أكتوبر 2023، تم استهداف المنطقة من جديد، بقيام حركة حماس بعملية عسكرية أطلق عليها «طوفان الأقصي»، حيث شنت هجمات على اسرائيل.

تلا هذه الهجمات قيام إسرائيل بمجازر إنسانية وعمليات إبادة جماعية فى قطاع غزة على مدى عامين، كما اتسع نطاق الحرب بالهجمات الإسرائيلية على كل من لبنان وسوريا فى أكتوبر و ديسمبر 2024، ما أدى إلى احتلال المزيد من الأراضى العربية فى فلسطين وسوريا ولبنان.

بل وامتد الصراع وامتدت الهجمات الإسرائيلية لتشمل اليمن والبحر الأحمر مما أثر على الملاحة فى قناة السويس وعلى حركة التجارة العالمية.

قادت مصر جهودا إقليمية ودولية ولا تزال، لإمداد الشعب الفلسطينى بالمساعدات ومنع تهجيره من أرضه مرة أخري، والإعتراف بالدولة الفلسطينية تمهيدا لإقامة الدولة الفلسطينية على أرض الواقع.

مما عرضها لهجمات شرسة وصلت إلى مهاجمة بعض سفاراتها فى الخارج.

الخلاصة، أن الحرب الحالية هي، حرب وجود، وهى المعركة الأخيرة لسلسلة من المعارك بدأت منذ قرن من الزمان.

كما أن شراسة الهجمة كل مرة تعكس قوة ونجاح ما قبلها. أخيراً، لن يتم إنهاء هذا الصراع وإحلال السلام بالمنطقة، إلا بالإصطفاف العربى وتوحيد الجهود، خاصةً بعد تعرض قطر للقصف الإسرائيلى مؤخراً. ولن يتم حماية الأراضى العربية، إلا بإقامة قواعد عسكرية مصرية عليها لتحقيق توازن القوي. وتعديل مجلس الأمن، وتمثيل مصر كعضو دائم فيه عن المنطقة العربية وإفريقيا، مع إلغاء حق الفيتو ..

 * أستاذ الاستراتيجية والسياسات العامة جامعة حلوان ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
Verified by MonsterInsights