أخبار عربية ودولية

ود مدني… من يسيطر عليها يتحكم في السودان

Search in sidebar query

مدينة ود مدني، حاضرة ولاية الجزيرة، من يحكمها يتحكم في السودان، فهي قلبه النابض، والسيطرة على جسرها الواقع على النيل الأزرق المسمى «جسر حنتوب» يعني إحكام الخناق على ولايات شرق البلاد خصوصاً مدينة بورتسودان التي باتت مقراً للحكومة ومجلس السيادة الحاكم؛ لذلك، فإن استهداف قوات «الدعم السريع» لها يعد تطوراً نوعياً في القتال مع الجيش السوداني، وذلك لأهمية المدينة وموقعها الاستراتيجي المشرف على وسط وجنوب وشمال وشرق البلاد.

تقع مدينة ود مدني وسط البلاد، وتعد المدينة الثانية بعد الخرطوم من حيث الثقل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وهي حاضرة ولاية «الجزيرة».

وتقع ولاية الجزيرة جنوب الخرطوم، وتحدها من جهتي الشمال والغرب ولاية النيل الأبيض، ومن جهة الجنوب ولاية سنار، وولاية القضارف من جهة الشرق، وتعد «وسطاً جغرافياً» للسودان، وتبعد حاضرتها عن العاصمة الخرطوم نحو 190 كيلومتراً.

وتعد الجزيرة الولاية الاقتصادية الأولى، بما تملكه من موارد بشرية وزراعية وحيوانية وطبيعية، ويقع فيها «مشروع الجزيرة» الذي يعد أحد أكبر المشروعات الزراعية التي تُروى بالري الانسيابي في العالم، وأنشئ المشروع في عام 1925 في زمن الاستعمار البريطاني، بعد إنشاء خزان سنار، ويتوافر له الري عبر قنوات شُقت من هناك، وتبلغ مساحته 2 مليون فدان. وتعد ود مدني وضاحيتها بركات مركز إدارة المشروع، ما جعل من ولاية الجزيرة ومن حاضرتها ود مدني المركز الاقتصادي الأول في البلاد. وقبيل اكتشاف البترول، كان «قطن الجزيرة» أهم صادرات السودان، والمورد الرئيسي للعملات الصعبة في البلاد، بيد أن المشروع تعرض لهزة كبيرة بعد انقلاب يونيو (حزيران) 1989 بقيادة «الحركة الإسلامية»، بسبب فشل السياسات التي اتبعها النظام الانقلابي. وزاد الطين بلة، اعتماد الحكومة على موارد البترول بعد تسعينات القرن الماضي.

باتت مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة في وسط السودان، تحت نيران قوات «الدعم السريع»، مجدداً، التي هاجمتها أمس، لليوم الثاني على التوالي، في محاولة لانتزاعها من قوات الجيش.

وتصاعدت موجات فرار السكان من المدينة الاستراتيجية، وتدافع آلاف المواطنين حاملين ما خف من متاع إلى الطرقات لمغادرة المدينة نحو مدن الولاية، وإلى البلدات الصغيرة في الأرياف، فيما أعلنت السلطات المحلية حالة الطوارئ، وحظر التجول مساءً. كما أثار الهجوم حالة من الارتباك الكبير في حركة التجارة، ما دفع آلاف التجار في أسواق المدن الكبيرة إلى نقل بضائعهم إلى مناطق آمنة، تحسباً لعمليات نهب.

وعبرت الولايات المتحدة عن «قلق بالغ» إزاء تكرار الهجمات على المدينة، التي لجأ إليها الآلاف هرباً من الحرب. وحثت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، الأطراف المتحاربة على وقف الهجمات.

استضافة النازحين

إلى جانب أهميتها الاقتصادية، استضافت ود مدني بعد اندلاع الحرب بين الجيش و«الدعم السريع»، مئات الآلاف من النازحين، وحظيت بأكبر عدد من الفارين من القتال في الخرطوم، ما جعل منها مدنية محورية في تطور الأوضاع السودانية في مرحلة الحرب، وربما مرحلة ما بعدها. وفي حال استيلاء قوات «الدعم السريع» على ود مدني، فإنها تكون قد سيطرت فعلياً على «قلب السودان». ويعد «جسر حنتوب» الجسر الوحيد الذي يربط وسط وجنوب وغرب وشمال البلاد بشرقها، ومن يسيطر عليه يحكم الخناق على شرق البلاد، وعلى وجه الخصوص ولايات القضارف وكسلا وبورتسودان، العاصمة الإدارية البديلة حالياً.

وتعد ود مدني مركزاً ثقافياً وفنياً مهماً؛ فهي إلى جانب كونها تضم جامعة «الجزيرة» ثالث جامعات البلاد من حيث التصنيف الأكاديمي والتاريخي، فهي تضم «رابطة الجزيرة للآداب والفنون»، التي تعد واحدة من أهم الجمعيات الثقافية في تاريخ البلاد. وقدمت ود مدني للبلاد عدداً من كبار الفنانين والأدباء والسياسيين.

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights