كثّفت واشنطن حضورها في المشهد الليبي، في الآونة الأخيرة، عبر لقاءات ومشاورات مع الأطراف الليبية، من أجل دعم تحركات المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، وفق نواب ليبيين.
وقبل أسبوع، استقبل رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، وفدا أمريكيا برئاسة المبعوث الأمريكي ريتشارد نورلاند، وجرى النقاش حول تطورات المشهد في ليبيا، ورؤية واشنطن لمجريات الأحداث هناك.
ومن المرتقب أن يزور رئيس المجلس عقيلة صالح، واشنطن خلال الفترة المقبلة، في إطار بحث تطورات العملية السياسية في ليبيا، مع أطراف فاعلة في الإدارة الأمريكية والكونجرس، وفق مصادر برلمانية.
ويتمحور النقاش في الوقت الراهن، حول تشكيل سلطة جديدة لقيادة المرحلة المقبلة والتي تجري فيها الانتخابات، إلا أن تباين مواقف الأطراف السياسية في ليبيا، تحول دون هذه الخطوة.
وتسعى واشنطن والأمم المتحدة لجمع الأطراف الفاعلة على طاولة حوار من أجل التوصل إلى صيغة توافقية، من شأنها تشكيل سلطة جديدة أو توحيد الحكومتين، إذ يطالب البرلمان بأن تكون السلطة الجديدة دون رئاسة الدبيبة، الذي أكد أكثر من مرة أنه لن يسلم السلطة، إلا بعد إجراء انتخابات.
ويقول عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، إن “التحركات الأخيرة تدور في فلك الجانب الأمريكي”.
وأن “البعثة الأممية في ليبيا، للأسف لا يمكنها الخروج عن المحددات الأمريكية”.
ولفت إلى أن “البعثة الأممية والتحركات الأمريكية هي مجرد خلط للأوراق، ولن تقدم أي حلول للأزمة في ليبيا، إذ تأتي بعد توافقات وتقارب بين الأجسام الليبية، وهو ما تسعى واشنطن لإحباطه”.
وشدد شرادة على أن “السنوات الماضية أكدت أن جميع التوافقات وحالة التقارب يتم ضربها بشكل مباشر من المجتمع الدولي، وخاصة واشنطن”.
وفق البرلماني الليبي، فإن “مواقف الأطراف الليبية منقسمة تجاه البعثة أو الدول الفاعلة، بما يزيد من تعقيد المشهد بصورة مستمرة”.
ومن ناحيته، قال أحمد الشركسي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، إن “واشنطن تسعى لإحياء مسار العملية الانتخابية، عبر تجديد المفاوضات حول الملفات الشائكة”.
وأن “أبرز الملفات تتعلق بحكومة تكنوقراط جديدة، إذ تدعم واشنطن الطاولة الخماسية، لكنها منفتحة على مسار جديد”.
وأردف، قائلا: “وضمن المقترحات المطروحة على الطاولة أن يشارك في تحديد المسار الجديد كل من مجلس النواب والأعلى للدولة والرئاسي، أو أن يقتصر على مجلسي الأعلى للدولة والبرلمان”.
ويرى أن “واشنطن تواجه صعوبة بشأن قبول مقترحاتها من الأطراف الليبية، نظرا لمواقفها مما يحدث في غزة”.
وفي الإطار، دعا رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا عبد الله باتيلي، ممثلي الجهات الأمنية والعسكرية في المنطقة الغربية إلى العمل من أجل “إحلال السلام وتحقيق استقرار طويل الأمد في ليبيا، وتضميد جراح الماضي، وإعادة بناء البلاد”.
وجاء ذلك خلال لقاء جمع باتيلي، مع 20 ممثلا عن الجهات الأمنية والعسكرية في المنطقة الغربية، يوم الأحد الماضي، وفق بيان صادر عن البعثة نشرته “بوابة الوسط” الليبية.
وقال باتيلي، خلال اللقاء: “ليبيا ملك لجميع الليبيين، ولا يجوز أن تكون رهينة لأي فئة أو مجموعة من الأفراد”.
ومضى، بقوله: “بعد 13 عاما من الصراع وعدم الاستقرار في ليبيا، يستحق شعب ليبيا حياة أفضل”.
وفي بيانها، أكدت بعثة الدعم في ليبيا، أن اللقاء يأتي في ضوء جهودها لإشراك جميع الأطراف الليبية، بما في ذلك الجهات السياسية الفاعلة والمؤسسات الرئيسية والأعيان والمكونات الثقافية والنساء والشباب، في مساع لحل الأزمة المستعصية في ليبيا، بحسب البيان.
وأشارت بعثة الدعم في ليبيا، إلى أن مساعي باتيلي تتركز على “تيسير عملية سلام شاملة تفضي إلى حل يقوده ويملك زمامه الليبيون، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع نشوب الصراع من جديد، بما في ذلك الجهود الرامية إلى توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية”.
وشددت على “استمرار المبعوث الأممي في إشراك جميع الأطراف الليبية المعنية، بما في ذلك مختلف الجهات الأمنية والعسكرية الفاعلة في جميع أنحاء ليبيا، لضمان دعم التوصل إلى حل سلمي شامل للانسداد السياسي الراهن وإحياء العملية الانتخابية”.
وتشهد الساحة الليبية، تحركات سياسية على مستويات متعددة، خلال الأيام الأخيرة، للدفع نحو خطوة للأمام بعد الجمود الذي أصاب المشهد السياسي هناك.