نقل و ملاحة

تكدس السفن في ميناء سنغافورة

التحول إلى طريق رأس الرجاء الصالح يدفع مزيداً من حركة المرور البحرية نحو سنغافورة

يواجه ميناء سنغافورة، وهو واحد من أشد الموانئ اكتظاظاً حول العالم، فترة طويلة من التكدس حيث يؤدي تحويل مسار السفن لتفادي عبور البحر الأحمر إلى زيادة عدد سفن الحاويات المتجهة للمركز البحري الآسيوي.

أجبرت هجمات الحوثيين في اليمن مالكي السفن على تجنب عبور قناة السويس وسلوك الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح بالطرف الجنوبي من أفريقيا. ويعني هذا أنهم لا يحصلون على فرصة للتزود بالوقود أو تفريغ البضائع في موانئ منطقة الشرق الأوسط، ما يفاقم الاختناقات البحرية بالمياه قبالة سواحل سنغافورة.

هجمات الحوثيين في البحر الأحمر

انعكست هجمات الحوثيين على سلاسل التوريد العالمية بأسرها، لكن ظهرت تأثيرات جسيمة بصفة خاصة في سنغافورة، التي تقع على أحد أكثر طرق الشحن ازدحاماً على مستوى العالم، وتربط أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط بالصين.

سيؤخر الازدحام المتزايد بالميناء، التي تُعد مركزاً رئيسياً للتزود بالوقود وإعادة توزيع الحاويات، عمليات تسليم البضائع كما سيفاقم الضغط الناجم عن ارتفاع أسعار الشحن.

صعدت معدلات استخدام أحواض السفن في سنغافورة (وهو مقياس يعبر عن مستوى انشغال ميناء الحاويات) إلى ما يقرب من 90% الشهر الماضي، بالمقارنة مع المستويات القصوى سابقة البالغة 70% تقريباً، وفق جاييندو كريشنا، مدير مؤسسة “دراوي ماريتايم سرفيسز” (Drewry Maritime Services).

قال كريشنا إن هناك حالات كثيرة لتعديل مسار السفن حالياً، مما يغير جداولها الزمنية، ويتسبب في تكدس صناديق الحاويات المشحونة عبر موانئ عديدة ببعض الموانئ. وأضاف أن هذا يتسبب في “تكدس السفن” ببعض المراكز مع ارتفاع أوقات الانتظار وزيادة الازدحام.

ذكرت هيئة الملاحة والموانئ في سنغافورة عبر بيان لها أن حجم الحاويات في سنغافورة بلغ 16.9 مليون وحدة مكافئة لعشرين قدماً خلال أول 5 شهور من السنة الجديدة، بزيادة قدرها 8% تقريباً عن نفس المدة خلال 2023. وأضافت الهيئة أن خطوط نقل الحاويات بما فيها “سي إم إيه سي جي” (CMA CGM) أصبحت تنقل حمولة أكبر عبر ميناء الدولة المدينة.

تكدس الحاويات في ميناء سنغافورة

وفق شركات الوساطة بمجال السفن، توجد بعض البودار المبكرة على تراجع تكدس الحاويات في سنغافورة الشهر الجاري، ما ربما يمنع تفاقم التكدس بدرجة أكبر.

شهدت الموانئ الماليزية أيضاً نشاطاً متنامياً الشهر الماضي. وسجل ميناء تانجونغ بليباس الواقع غرب الدولة المدينة مباشرة على مضيق جوهور، وكلانغ، قرب كوالالمبور أعلى معدل نقل شهري في تاريخه خلال مايو الماضي.

على النقيض من ذلك، هبطت حركة المرور عبر موانئ منطقة الشرق الأوسط الرئيسية. وتكشف بيانات “دراوي” أن حجم الأعمال بمركز إعادة الشحن الرئيسي بمدينة صلالة في سلطنة عمان تراجع 17% خلال الربع الأول من السنة الجارية.

أوضح محللون في بنك “إتش إس بي سي هولدينغز” بمن فيهم باراش جاين في مذكرة للعملاء أنه من غير المرجح أن يتبدد تكدس سفن الحاويات قريباً، وسترتفع أسعار الشحن الفوري للسفن أكثر غالباً.

واستطردوا: “في حين تتركز هذه الاختلالات بطريقة هائلة بمناطق التصدير في آسيا وبعض مراكز إعادة الشحن، لن يكون الأمر سوى مسألة وقت قبل أن تنتقل هذه المشكلات إلى وجهات الاستيراد في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية. ويوجد مجال أكبر لاستمرار ارتفاع أسعار شحن الحاويات”.

نظام النقل البحري العالمي

عادة ما تكون المياه قبالة سنغافورة مكتظة بكافة أنواع السفن، ومن المتوقع أن يزداد هذا الأمر كثافة خلال الشهور المقبلة، إذ يستغرق تأثير تعديل المسار بعض الوقت لينعكس بالكامل على نظام النقل البحري العالمي.

وفق بيانات “دراوي”، اضطرت 44 سفينة نقل حاويات تقريباً للانتظار 4 أيام قبالة الدولة المدينة الشهر الماضي، بالمقارنة مع 14 سفينة فقط خلال يناير الماضي.

واختتم كريشنا بأن الاختناقات بدأت تبرز حالياً فقط، بعد شهور من احتدام هجمات البحر الأحمر يناير الماضي. وعزا ذلك إلى أنه “يوجد دائماً بعض السعة الاحتياطية في الموانئ وأحواض الحاويات، لذلك فقد استغرق ميناء سنغافورة وقتاً للوصول إلى استغلال السعة القصوى له”.

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights