مبدعون

لماذا نصفق؟

تقدير أم مهادنة أم عدوى اجتماعية

كنوع من الحماس أو الإعجاب بشئ أو بأداء شخص ما أو لحمل رسائل والتأثير على الآخرين، ينتشر التصفيق في الحياة اليومية لدرجة أنه يمكن تشبيهه بالتثاؤب والابتسام والضحك.

لكن التصفيق سلوك غالبًا ما يتم تجاهله، فلماذا نصفق؟ وما الذي يدفع البشر إلى التصفيق؟ ولماذا بدأ الناس أولًا بضرب راحتيهم معًا لإظهار التقدير؟ ولماذا لا نفعل شيئًا آخر مثل إطلاق البوق أو الصافرة؟

بداية التصفيق

من المحتمل أن الإنسان العاقل بدأ التصفيق في وقت مبكر من التاريخ، كما كتب عالم النفس، آلان كراولي، في مراجعة عام 2023 للأبحاث حول هذا الموضوع، وربما أدرك أسلافنا في غياب اللغة المنطوقة أن بإمكانهم استخدام الضوضاء للإشارة إلى وجود الحيوانات المفترسة، أو لتخويف المعارضين، أو للعب، أو لتسليط الضوء على الفرص.

وعلى مر التاريخ، أدرك من هم في مناصب السلطة التأثير الاجتماعي الكبير الذي يمكن أن يحدثه التصفيق، حيث تكشف الروايات التاريخية عن الاستخدام الاستراتيجي للتصفيق للتلاعب بالتصورات وممارسة النفوذ، على سبيل المثال، نظم إمبراطور الإمبراطورية الرومانية هرقل اجتماعًا مع ملك بربري، وقام بتجنيد متفرجين مستأجرين للتصفيق، لغرس شعور بالترهيب في نفوس خصومه/ وعلى نحو مماثل، استخدم الإمبراطور نيرون تكتيكًا مشهورًا يتمثل في دفع أموال لأكثر من 5000 فرد للتصفيق له بقوة خلال المناسبات العامة؛ ما خلق وهمًا بوجود دعم واسع النطاق.

واليوم، لوحظ أن بعض الرئيسيات تستخدم التصفيق لتوجيه انتباه أقرانها، أو للتواصل عبر مسافات طويلة، ولا يقتصر هذا السلوك على البشر فقط، بل تفعل الفقمات الرمادية البرية ذلك أيضًا، عندما تكون تحت الماء، لإظهار القوة والهيمنة أمام رفاقها. ويبدو أن ممارسة تصفيق الجماهير للمسرح أو الخطابة قد انطلقت بالكامل في روما القديمة، حيث احتوت المسرحيات على كلمة «استحسان» في نهاية المشاهد، وهو جذر كلمة «تصفيق».

وبالنسبة للقادة الرومان، كان التصفيق أيضًا مقياسًا مسموعًا للشعبية، على غرار استطلاعات الرأي أو الإعجابات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث دفع البعض المال من أجل جعل التصفيق أعلى. وعاد المصفق المستأجر في القرن السادس عشر، بعد أن عرض شاعر فرنسي تذاكر مجانية لأفراد الجمهور مقابل التصفيق بصوت عال، وطوال القرنين التاليين، كان المصفقون المحترفون مدفوعو الأجر في فرنسا يحضرون العروض ليقودوا التصفيق.

ما الذي يشير إليه التصفيق؟

التصفيق أمر بسيط للقيام به، في حين تشير الدراسات الرصدية إلى أن الأطفال لا يتمتعون بالقدر الكافي من التنسيق للتصفيق حتى وقت متأخر من السنة الأولى من حياتهم. ويتمتع التصفيق بالمرونة ليكون مهذبًا وخفيفًا، فضلاً عن الحماسة المطولة كما يكون مقبولًا اجتماعيًا أكثر من الصراخ، وعلى سبيل المثال، يسمح تصفيق الجولف- أصابع اليد إلى راحة اليد- الذي تم تصميمه لإظهار تقدير أكثر هدوءًا دون تشتيت انتباه شخص ما على نقطة الإنطلاق.

لماذا نصفق؟

هناك عنصر من العدوى الاجتماعية للتصفيق، أي شخص يجلس وسط حشد من الناس سيعرف أن مجرد حفنة من المصفقين يمكن أن تؤدي في بعض الأحيان إلى تحفيز غرفة من الناس لتقليد سلوكهم، ففي بعض الأحيان يصفق الناس لأنهم يريدون إرسال رسالة، وفي أحيان أخرى، قد يصفق الناس ليس بسبب خيار داخلي بل بسبب الضغط الاجتماعي.

لماذا نصفق؟ يبدو أن الإجابة باختصار هي أن التصفيق الطريقة الأكثر فعالية لإحداث الكثير من الضجيج، وإظهار تقديرنا، وتعزيز الرابطة الاجتماعية التي تأتي من الاستمتاع بشيء ما معًا، ولكن ماذا عن التصفيق الطويل للغاية، لماذا لا تترك الأمر في دقيقة أو دقيقتين؟ ومدة التصفيق لا علاقة لها بجودة الأداء فلديك هذا الضغط الاجتماعي للبدء (بالتصفيق)، ولكن بمجرد أن تبدأ، هناك ضغط اجتماعي قوي بنفس القدر لعدم التوقف، حتى يبدأ شخص ما بالتوقف.

لماذا نصفق؟

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights