أخبار عربية ودولية

الدعم الدولي لأطروحة انفصال بريتوريا و”البوليساريو”

شكل تقرير صادر عن المعهد الإفريقي للدراسات الأمنية، ومقره بريتوريا في جنوب إفريقيا، صدمة لدى مناصري جبهة “البوليساريو” الانفصالية، من خلال تأكيده على ضعف الدعم الدولي لأطروحة الانفصال.

وقضّ التقرير الحديث أحلام الجبهة الانفصالية في الاستقلال، حيث تحدث على لسان مسئولين من بريتوريا عن فقدانهم الأمل في تراجع الدعم الدولي للجبهة.

تحول نوعي في بريتوريا

عبد الواحد أولاد ملود، أستاذ العلاقات الدولية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة القاضي عياض مراكش، قال إن “مثل هذه التقارير تكشف وجود تحول عرفته قضية الوحدة الترابية للمملكة، حيث كان مسئولون في دول معادية وموالية للجبهة حازمين بأن قضية الصحراء تأخذ مسارا لصالح خصوم المغرب؛ لكن هذه التقارير أبرزت الكولسة التي عرفها الملف، خاصة في دواليب الاتحاد الإفريقي”.

وأشار الأستاذ الجامعي المتخصص في العلاقات الدولية إلى أن هذا يبين أن “هناك تحولا نوعيا، حيث إن المسئولين في بريتوريا يعترفون بذلك؛ بالتالي آن الأوان لجنوب إفريقيا أن تراجع أوراقها في هذا الملف”.

وسجل أولاد مولود، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن التقرير “أشار إلى الهزيمة التي يواجهها خصوم الوحدة الترابية، من خلال النقلة النوعية لمسار قضية الصحراء”.

وأردف: “في ظل الاعترافات الدولية المتوالية والقنصليات التي تم فتحها في الداخلة والعيون وكذا الموقف الفرنسي البارز، فإن التقرير مفصلي وأزال اللبس، وسيكون له تحول على النخبة في جنوب إفريقيا، إن لم يكن مرتبطا بجنوب إفريقيا فسيكون بالدول التي لها علاقة بها”.

واعتبر الأستاذ الجامعي أن التقرير أورد معطيات مهمة يمكن أن يكون لها دور فعال وسط النخب في جنوب إفريقيا، وسيكون له تداعيات على الكيان الوهمي، مشددا على أنه “على الدبلوماسية المغربية أن تفكر جديا في تفعيل مبادرة الحكم الذاتي على إثر الجهوية الموسعة”.

إفلاس وعزلة “البوليساريو”

وتحمل مثل هذه التقارير قراءات عديدة، على رأسها أن خيار الانفصال الذي تتبناه جبهة “البوليساريو” أصبح مفلسا ويكشف عزلتها أمام المنتظم الدولي.

من جانبه، قال إدريس لكريني، أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض، إن هناك خيارات تكرس هذا الإفلاس لأطروحة الانفصال، على رأسها كون طرح الحكم الذاتي يمثل منعطفا مهما يعكس الإرادة الحقيقية للمغرب لطي الملف، وشكل مشروعا يمثل أرضية مستدامة وواقعية لتدبير هذا الملف.

وأوضح الأستاذ الجامعي المتخصص في العلاقات الدولية أن هذا المشروع لقي دعما من دول العالم “لكونه يستند على أسس ومعايير دولية، خصوصا أن مجموعة من الدول تعتمد هذا الخيار الديمقراطي الذي يتيح للساكنة تدبير شئونهم”.

من ناحية ثانية، أضاف المتحدث نفسه، فإن “كل الطروحات والمحاولات التي نهجتها البوليساريو كان مآلها الفشل”، ناهيك عن أن “المغرب استطاع أن يقنع مجموعة من الدول بالتراجع عن الاعتراف بـ”البوليساريو” وكذلك بالدفاع عن قضية الصحراء من داخل مؤسسة الاتحاد الإفريقي؛ ما دفع دولا عديدة إلى الإقرار بأحقية المغرب بمغربية الأقاليم الجنوبية وفتح قنصليات بالأقاليم الصحراوية المغربية”.

كما أن خيار الانفصال، أضاف لكريني دائما، “تكسر تحت ضغط الرفض الدولي المتزايد لخيارات الانفصال التي برزت في إقليم كاتالونيا وكوردستان العراق ولم تتحمس لها أية هيئة دولية”، موردا بأن نبذ خيارات الانفصال تعبير عن وعي المجتمع الدولي بمتاهات الخيار.

وسجل الأستاذ الجامعي المتخصص في العلاقات الدولية أن جبهة “البوليساريو” تعيش اليوم عزلة؛ “وهي نتيجة منطقية لقرارات مجلس الأمن، والتي أصبحت تتحدث عن الاستقرار الذي تعيشه الأقاليم الجنوبية والحل المستدام ولم تعد تتحدث عن الاستفتاء”.

وزاد قائلا: “إن تنامي القناعة الدولية بعدم نجاعة الخيار الانفصالي راجع أيضا إلى المرافعات التي تقوم بها الدبلوماسية المغربية، خصوصا على مستوى مخاطبة القوى الكبرى التي أصبحت مقتنعة بأن الحل المستدام يرتبط بالسياسة المغربية والحكم الذاتي”، مشيرا إلى أن “البوليساريو” بخياراتها المتجاوزة “ستعيش مزيدا من العزلة، على اعتبار أن المغرب يبحث عن الحل مقابل اللاحل من طرفها ومن طرف القوى التي تدعمها، على رأسها الجزائر وجنوب إفريقيا”.

وشدد لكريني على أن هذه القوى، وعلى رأسها جنوب إفريقيا، مطالبة بأن تتعامل بمنطق حسن نية في سياق دعم الجهود التي يقوم بها مجلس الأمن ودفع الجبهة إلى الانخراط بحسن نية في إرساء حل في إطار مشروع الحكم الذاتي.

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights