..كان الظهور الأولي لمسلسل “الاختيار” وعرض جزءه الأول وسط زحام دراما ومسلسلات رمضان 2020 هذا الجزء الذي خرج للنور علي هيئة عمل ديكو درامي عسكري إنساني ..
فلقد كان عملاً درامياً إنسانياً توثيقياً ثري ملئ بالوقائع والمشاهد التسجيلية الحية التي إلتقطتها الكاميرات والعدسات من أماكنها الحقيقية لفاعليها الحقيقيين ..
شكلاً درامياً يخض وعمل درامي فني ذو طلة وهيئة جديدة علي الشاشة وعلي المتلقي، إضافة لأنه مسلسل تصرفات ومصائر شخصياته معروفة، كما أن أحداثه ونهايته متوقعة …
الكل أشاد وأشار بأن النجاح الجماهيري المذهل غير المتوقع،
الذي حققه هذا العمل يرجع لدقة وجودة الصناعة أو للروح الوطنية العالية لدي الشعب المصري ..
فلقد حاز العمل على العديد من الإشادات سواء من قبل الجمهور أو النقاد أو الفنانين الذين أكدوا أنه عمل وطني مهم …
بالتأكيد كل نجاح له أسبابه .. فقانون النجاح لا يعرف الصدفة أو الحظ ..
ولكن حقيقة هناك ما هو أبعد من التمكن واتقان الصنعة والجودة الفنية أو حتي التعطش والاحتياج النفسي لهذه النوعية من الأعمال ..
فالميزة الأهم برأي التي حققت النجاح لمسلسل الاختيار ولهذا العمل ..
هي الصدق وتقديم الحقيقة كاملة للناس، بالتأكيد خرجت مغلفة بإطار فني إنساني ..
ولكن هذا الغلاف الدرامي لم يكن مُصطنعاً، فلقد كان أقرب للحقيقة بل ويكاد يطابقها ..
فأي إنسان منتج للثقافة أو شبه مثقف أو حتي عادي ..
لا شك سيدرك أنه أمام عمل حقيقي صادق الواقعية وهذا هو السبب الرئيسي في تحقيق هذا العمل لكل هذا النجاح والقبول الجماهيري ..
فحتي كل ما تعنيه حرفية الصنعة الدرامية، بما تتضمنه من خيال مؤلف أو مخرج وما تحتاجه من مهارات ومكملات معنوية كالموسيقي والمؤثرات والإضاءة وغيرها من مؤثرات … لصناعة صورة جاذبة ..
كل هذا لا يضمن النجاح إن لم يكن هناك مزاج جماهيري يرغب ويريد الإقتراب الصادق الحقيقي للتعرف علي الشخصية البطل ودراسة حقيقة ما مر به من ظروف وأحداث حتي وصلت هذه الشخصية لنهايتها ومصيرها المقدر تحققه في سبيل الوطن ..
إن هذا هو السبب الحقيقي لنجاح هذا العمل .. فلقد استقبلته الجماهير بعقلية هادئة راغبة في الإطلاع والوصول لمعرفة حقيقة أيام صعاب طوال مر بها الوطن …
“كريم عبد العزيز” يجيد الإختيار ..
لعامين متتالين يقدم كريم عبد العزيز شخصية ضابط الأمن الوطني زكريا يونس ..
الذي يقدم بطولات وتضحيات جليلة للوطن من خلال مواجهته لمليشيات وجماعات وأفراد الإرهاب الأسود ..
والمكلف بمتابعة اعتصام جماعة الإخوان المسلمين بميدان رابعة العدوية ..
الذي قامت جماعة الإخوان بتنظيمه، والذي شارك هو وزملائه في فض هذا الاعتصام والقبض على عناصر خلية مدينة نصر ..
أمن الدولة علي الشاشة
.. بصراحة وبكل وضوح خاب أغلب الفنانين في تقديم شخصية ضابط أمن الدولة أو الأمن الوطني حالياً ..
فهم أشرار دائماً يعذبون متهميهم حتي الموت أو الوصول لإعترفات كاذبة ملفقة لأجل إرضاء ذواتهم أو تطلعاًً لمناصب أعلي ..
وبالتأكيد ليست الصورة قاتمة لهذه الدرجة فالضابط هو إنسان قبل كل شئ ..
كما أن هذه الأجهزة تحكمها قوانين ولوائح تستمد نظامها ونشاطها ونفوذها من مواد الدستور والقانون المصري ..
إضافة لأن العلم الحديث سهل طرق إنتزاع الأدلة والبراهين من أفواه بل وعقول المجرمين .. فإن كانت وسائل التواصل الإجتماعي والسوشيل ميديا باتت تقرأ أفكارنا اليوم ..
فما بالك بأجهزة المعلومات التي مر علي تأسيس أغلبها ما يزيد علي النصف قرن .. وهنا في مصر أجهزة معلوماتية، يزيد عمرها عن القرن الآن .. كجهاز الأمن الوطني أو قلم البوليس السياسي الذي أنشأ بالعام 1913 ..
إذا شخصية ضابط أمن الدولة العنيف الدموي ليست حقيقة تماماً وإن كان بأحد هذه الأجهزة أو تلك واحداً تنطبق عليه هذه الصفات فهو لا شك خارج عن القانون ولابد أن يعاقب …
.. ويبدو أن أغلب أعمالنا تعرضت لهذا الجانب المظلم فقط من حيوات ضابط أمن الدولة، تقريباً لسهولة صناعة التركيبة الدرامية – الأكلشيه – أو لإقترابها من المورث الذهني المطبوع بمخيلة أغلب جماهير وناس مصر ..
إلي أن جاء كريم عبد العزيز وإقترب من النواحي الإنسانية لضابط الأمن الوطني ..
فهو بالرغم من عمله الهام والحساس، مواطن مصري في النهاية كباقي مواطني هذا الشعب ..
يشعر بما يشعر به أهل هذا البلد، بل إنه ككل زوج وأب تواجهه المشاكل والمتاعب الأسرية المتنوعة الكائنة والموجودة بكل بيت وأسرة مصرية ..
الذكاء وحسن الاختيار، هو موهبة كبري في حد ذاتها ..
موهبة يجيدها الفنان الكريم عبد العزيز، الذي يخطوا خطوات واثقة كل يوم، يحتل بها مساحات أكبر ويحقق حضوراً جماهيرياً أوسع وأوسع ..
فكريم أو الضابط زكريا يونس ظهر لنا كواحد من الناس، ملابسه عادية، تصرفاته وإنفعالته عادية تنسجم والموقف أو الحدث الذي يعيشه أو يمر به ..
كما أن له حياة أسرية عادية .. زوجة ككل زوجة بأي بيت مصري .. وأبناء كأي أبناء بأي عائلة مصرية ..
الورق بالتأكيد الذي كتبه السيناريست باهر دويدار له دوراً كبيراً في تحقيق هذا النجاح لهذه الشخصية عزيزة الظهور علي الشاشة ..
إلا أن أداء كريم عبد العزيز السهل الهادئ مهد الطريق لهذه الشخصية للوصول إلي قلوب الناس ..
بل وصنع بداية طريق ومشوار لتغير الصورة الأكلشيه المكررة عن ضباط الأجهزة السيادية وبالقلب منها جهاز الأمن الوطني …