مقالات وأراء

“عبد الحليم قنديل” يكشف ناصر الآخر ..!!

  ناصر ثار علي نفسه لأجل وطنه فعشقته الجماهير ..

– ناصر كان مفكراً باحثاً عن النقاء الثوري فصنع ذروة مجد لم يطالها أحدٍ للآن ..

– الكتاب يشير لضعف ناصر الإنساني تجاه المشير عامر ..

كتب – أحمد إبراهيم

  الكتابة عن الروؤساء وتحديداً عن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر أمر شاق وفي غاية الصعوبة ..

فجمال عبدالناصر زعامة فريدة وحالة سياسية نادرة في كُتب التاريخ، رجلاً صنع لنفسه ولوطنه تفرداً وتواجداً متيناً بمحيطه الجغرافي والعالمي؛ بثورة كان هو مفكرها ومنظرها ومدبرها ومنفذها بمشاركة أبطال من أبناء مصر وجيشها ..

ثورة حققت تغيرات ونقلات محورية في حياة المصريين والأمة العربية بل وشعوب العالم الثالث إجمالاً ..

الكاتب الصحفي د عبد الحليم قنديل
الكاتب الصحفي د عبد الحليم قنديل

وكتاب “عبدالناصر الأخير – أخطر الاعترافات والتحولات في الوثائق السرية 1967- 1970” لم يركن أو يعتمد به المفكر والباحث والمعارض الجسور عبد الحليم قنديل في تناوله لتجربة ومسار وسلوك ناصر بعد هزيمة 5 يونيو 1967 القاسية، علي مشاعره الفياضة تجاه هذا الرجل وهذه القامة المصرية الفريدة الفذة ..

فبالرغم من أن “قنديل” ناصرياً قلباً وقالباً حتي النخاع، ومنظراً أشراً يشار له بالبنان، إلي أنه ركن إلي مبدأ البحث العلمي الوثائقي القائم علي استقراء عناصر وظروف زمن البحث “1967- 1970” معتمداً علي الوثائق السرية لإجتماعات جمال عبدالناصر بمجلس قيادة الثورة أو بوزراءه بمجلس الوزراء أو بأي من كبار المسئولين بمصر وخارجها، هذا إضافة للوثائق المكتوبة بخط ناصر ذاته .. والتي تشير كلها لطبيعة تفكير هذا الرجل وبحثه الدائم عن ما يعرف بالنقاء الثوري، لتكون هذه الفكرة وهذه المحاولة النبيلة مرتكزاً ومحاولة للوصول إلي الكمال والإكتمال الثوري لب وسر صناعة نهضة ناصر الزراعية والصناعية والفكرية الثقافية، والتي حققت له ذروة مجد لم يصلها أو يطالها أحدٍ حتي الآن ..

.. ناصر والمشير والنكسة ..

.. بالرغم من الطابع السياسي البحت الجلي الواضح وضوح الشمس في سمت وطبيعة تركيبة جمال عبدالناصر العملية الفكرية ..

إلا أن عنصر البرجماتية وحب الذات أو النرجسية السياسية لم يكن حاضراً بهذه الشخصية الريفية الصعيدية، فحبه لزميله ورفيق الدرب والعمر المشير عبدالحكيم عامر، أودي به وبرفيقه وبوطنه إلي هزيمة قاسية علي يد محتل صهيوني مسنود بقوي خارجية تحركه دائما ليكون في المواجهة ورأس حربة لقتل أي مشروع وطني يظهر بالوطن العربي وتحديداً بمصر ..

فبوضوح وصراحة جمال عبدالناصر المعلنة، أقر ناصر في اجتماع مجلس الوزراء بتاريخ 22 يونيو 1967 بأنه أبلغ المشير عامر بموعد هجوم اليهود علي سيناء صباح 5 يونيو .. هذا الاجتماع الذي تم بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة ..

 بل إن ناصر الإنسان أقر بضعفه الإنساني أمام رفيق عمره ودربه أكثر من مرة في اجتماعات رسمية دونت هذا الإعتراف الخطر بمحاضرها السرية بل وبمزكراته التي كتبها بخط يده، فمرة يتحدث ناصر عن محاولات المشير عامر الناعمة للإنقلاب عليه والسيطرة علي القوات المسلحة بشكل كامل، والذي كانت كل محاولة من ناصر لضبط الأمور وتعديل الوضع، تقابل باستقالة مكتوبة من سنده ورفيق عمره، فيضطر للتراجع لأسباب ومعاني إنسانية نبيلة جمعته بالمشير عامر .. 

كتاب عبد الناصر الأخير
كتاب عبد الناصر الأخير

إذاً ناصر كان يدرك نقطة ضعفه وميله الوجداني لزميله ورفيق السلاح والثورة والعمل العام ..

ثورة علي الثورة

ويبدو أن هذا الضعف الوجداني والإنساني، هو ما دفع ناصر للتفكير بثورة علي الثورة، وابتكار ثورة تصحيح فكرية اجتماعية .. هذا ما أقره ناصر في حديثه لنفسه متأملاً مخططاً لتعديل الأوضاع وضبط الأمور من جديد، فحوار ناصر مع نفسه بأوراقه الخاصة، تشير إلي أنه رجلاً واثقاً من نفسه ومن قدرات شعبه وجيشه رغم السقوط والإنكسار الكبير الذي تعرض له بسبب هزيمة يونيو وانتحار رفيق العمر والدرب، هذا السقوط الذي أعاد ناصر لخانة الثورة ولكن هذه المرة .. يثور ناصر علي نفسه وعلي رجالات دولته لأجل وطنه ومصلحة شعبه .. ولهذا عشقته الجماهير ولم تعشق أحداً مثله حتي الآن ..

ذهب اليمن

 دأب عبدالناصر وحرصه الشديد علي تحسين أوضاع المصريين وسعيه الدائم لتحقيق تنمية حقيقة تصب في صالح الفئات الفقيرة التي خرج منها وأمن بها وسعى لصناعة مستقبل جيد لها ولأبنائها، كان واضحاً سواء بحديثه مع نفسه في مفكراته الخاصة أو حتي في اجتماعته الرسمية، فناصر انتقد نفسه وحكومته أكثر من مرة وقالها بوضوح لزملاءه من الوزراء  “الحكومة كفرت الناس” ..

والشاهد أن مصر عرفت معدلات نمو كبيرة غير مسبوقة، بسبب مصانع ناصر التي بلغت قيمتها السوقية وقتها 1400 مليون دولار، هذا بالإضافة إلي ما صنعه السد العالي من معجزة زراعية ..

كما تعرض الكتاب لحرب اليمن وما قيل عن إهدار ثروات وذهب مصر علي القبائل اليمنية والتي أشارت الوثائق إلي أن ذهب القبائل دفع بيد أحد ملوك السعودية المناوئين لحكم آل سعود ..

إن بكتاب المفكر والكاتب والباحث عبد الحليم قنديل ردود عديدة موثقة علي الكثير من الإتهامات التي تعرض لها ناصر سواء فيما يتعلق بنكسة يونيو أو حرب اليمن أو علاقته بالروس أو ما عرف بمراكز القوي أو الحراسات وغيرها من قضائيا شائكة، كان لا يمكن الرد عليها ودحضها إلا من خلال هذا الجهد البحثي العلمي المتين التوثيق ..    

جمال عبد الناصر
جمال عبد الناصر

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights